عن سلمان قال: كان النبي صلى الله عليه وآله ذات يوم جالسا بالأبطح وعنده جماعة من أصحابه وهو مقبل علينا بالحديث إذ نظرنا إلى زوبعة (1) قد ارتفعت فأثارت الغبار وما زالت تدنو والغبار يعلو إلى أن وقف بحذاء النبي صلى الله عليه وآله ثم برز منها شخص كان فيها.
ثم قال: يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إني وافد قومي استجرنا بك فأجرنا وابعث معي من قبلك من يشرف على قومنا فإن بعضهم قد بغى علينا ليحكم (2) بيننا وبينهم بحكم الله وكتابه وخذ علي العهود والمواثيق المؤكدة أن أرده إليك سالما في غداة غد إلا أن تحدث علي حادثة من عند الله.
فقال له النبي صلى الله عليه وآله: من أنت؟ ومن قومك؟ قال: أنا عرفطة بن شمراخ (3) أحد بني نجاح، وأنا وجماعة من أهلي كنا نسترق السمع، فلما منعنا من ذلك آمنا ولما بعثك الله نبيا " آمنا بك على ما علمته وقد صدقناك، وقد خالفنا بعض القوم وأقاموا على ما كانوا عليه فوقع بيننا وبينهم الخلاف، وهم أكثر منا عددا " وقوة وقد غلبوا على الماء والمراعي وأضروا بنا وبدوا بنا، فابعث معي من يحكم بيننا بالحق.
فقال له النبي صلى الله عليه وآله: فاكشف لنا عن وجهك حتى نراك على هيئتك التي أنت عليها، قال: فكشف لنا عن صورته فنظرنا فإذا شخص عليه شعر كثير، وإذا رأسه طويل، طويل العينين عيناه في طول رأسه، صغير الحدقتين، وله أسنان كأنها أسنان السباع، ثم إن النبي صلى الله عليه وآله أخذ عليه العهد والميثاق على أن يرد عليه في غد من يبعث به معه.
فلما فرغ من ذلك التفت إلى أبي بكر فقال له: صر مع أخينا عرفطة (4) وانظر إلى ما هم عليه واحكم بينهم بالحق، فقال: يا رسول الله وأين هم؟ قال: هم تحت