عليه السلام عوذ ابنيه، وأن موسى عليه السلام عوذ ابني هارون بهذه العوذة، وروي أن بني جعفر بن أبي طالب كانوا غلمانا بيضا، فقالت أسماء بنت عميس: يا رسول الله، إن العين إليهم سريعة، أفأسترقي لهم من العين؟ فقال صلى الله عليه وآله: نعم. وروي أن جبرئيل عليه السلام رقى رسول الله صلى الله عليه وآله وعلمه الرقية، وهي: " بسم الله أرقيك من كل عين حاسد الله يشفيك " وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: لو كان شئ يسبق القدر لسبقته العين.
ثم اختلفوا في وجه تأثير الإصابة بالعين، فروي عن عمرو بن بحر الجاحظ أنه قال: لا ينكر أن ينفصل من العين الصائبة إلى الشئ المستحسن أجزاء لطيفة تتصل به وتؤثر فيه، ويكون هذا المعنى خاصة في بعض الأعين كالخواص في بعض الأشياء.
وقد اعترض على ذلك بأنه لو كان كذلك لما اختص ذلك ببعض الأشياء دون بعض، ولأن الأجزاء تكون جواهر، والجواهر متماثلة، ولا يؤثر بعضها في بعض. وقال أبو هاشم: إنه فعل الله بالعادة لضرب من المصلحة، وهو قول القاضي.
ورأيت في شرح هذا للشريف الأجل الرضي الموسوي - قدس الله روحه - كلاما أحببت إيراده في هذا الموضع. قال: إن الله يفعل المصالح بعباده على حسب ما يعلمه من الصلاح لهم في تلك الأفعال التي يفعلها، فغير ممتنع أن يكون تغييره نعمة زيد مصلحة لعمرو، وإذا كان تعالى يعلم من حال عمرو أنه لو لم يسلب زيدا نعمته أقبل على الدنيا بوجهه، ونأى عن الآخرة بعطفه. وإذا سلب نعمة زيد للعلة التي ذكرناها عوضه (1) عنها، وأعطاه بدلا منها عاجلا وآجلا، فيمكن أن يتأول قوله عليه السلام " العين حق " على هذا الوجه. على أنه قد روي عنه عليه السلام ما يدل على أن الشئ إذا عظم في صدور العباد وضع الله قدره، وصغر أمره، وإذا كان الأمر على هذا فلا ينكر تغيير حال بعض الأشياء عند نظر بعض الناظرين إليه، واستحسانه له، وعظمه في صدره، وفخامته في عينه، كما روي أنه قال - لما سبقت ناقته العضباء، وكانت إذا سوبق بها لم تسبق -: " ما رفع العباد من شئ إلا وضع الله منه " ويجوز