وقال - قدس سره - في قوله تعالى " وإن يكاد الذين كفروا ": " إن " هي المخففة من الثقيلة (1) " ليزلقونك " أي (2) يقتلونك ويهلكونك، عن ابن عباس وكان يقرأها كذلك. وقيل: ليصرعونك، عن الكلبي. وقيل: يصيبونك بأعينهم، عن السدي. والكل يرجع في المعنى إلى الإصابة بالعين، والمفسرون كلهم على أنه المراد في الآية، وأنكر الجبائي ذلك وقال: إن إصابة العين لا تصح.
وقال الرماني: وهذا الذي ذكره غير صحيح، لأنه غير ممتنع أن يكون الله تعالى أجرى العادة بصحة ذلك لضرب من المصلحة، وعليه إجماع المفسرين، وجوزه العقلاء فلا مانع منه. وقيل: إن الرجل منهم كان إذا أراد أن يصيب صاحبه بالعين تجوع ثلاثة أيام، ثم كان يصفه فيصرعه بذلك، وذلك بأن يقول الذي (3) أراد أن يصيبه بالعين: لا أرى كاليوم إبلا أو شاتا أو ما أراد، أي كإبل أراها اليوم. فقالوا للنبي صلى الله عليه وآله كما كانوا يقولون (4) لما أرادوا أن يصيبوه بالعين، عن الفراء والزجاج.
وقيل: معناه أنهم ينظرون إليك عند تلاوة القرآن والدعاء إلى التوحيد نظر عداوة وبغض وانكار لما يسمعونه وتعجب منه، فيكادون يصرعونك بحدة نظرهم ويزيلونك عن موضعك.
وهذا مستعمل في الكلام، يقولون: نظر إلى فلان نظرا يكاد يصرعني ونظرا يكاد يأكلني فيه. وتأويله كله أنه نظر إلى نظرا لو أمكنه معه أكلي أو أن يصرعني لفعل، عن الزجاج.
" لما سمعوا الذكر " يعني القرآن " ويقولون " مع ذلك " إنه لمجنون وما هو " أي القرآن " إلا ذكر " أي شرف " للعالمين " إلى أن تقوم الساعة، أو مذكر لهم. قال