عن ذي الكفل، فقال كان رجلا من حضرموت واسمه عويد ابن أديم، وكان في زمن نبي من الأنبياء (1) قال: من يلي (2) أمر الناس بعدي على أن لا يغضب؟ فقام فتى فقال:
أنا، فلم يلتفت إليه، ثم قال: كذلك، فقام الفتى، فمات ذلك النبي وبقي ذلك الفتى وجعله الله نبيا، وكان الفتى يقضي أول النهار فقال إبليس لأتباعه: من له؟ فقال واحد منهم يقال له: الأبيض: أنا، فقال إبليس: فاذهب إليه لعلك تغضبه، فلما انتصف النهار جاء الأبيض إلى ذي الكفل وقد أخذ مضجعه فصاح وقال: إني مظلوم، فقال: قل له:
تعالى! فقال: لا أنصرف، قال: فأعطاه خاتمه فقال: اذهب وأتني بصاحبك، فذهب حتى إذا كان من الغد جاء تلك الساعة التي أخذ هو مضجعه فصاح إني مظلوم وإن خصمي لم يلتفت إلى خاتمك، فقال له الحاجب: ويحك دعه ينم فإنه لم ينم البارحة ولا أمس، قال:
لا أدعه ينام وأنا مظلوم، فدخل الحاجب وأعلمه فكتب له كتابا وختمه ودفعه إليه، فذهب حتى إذا كان من الغد حين أخذ مضجعه جاء فصاح فقال: ما التفت إلى شئ من أمرك ولم يزل يصيح حتى قام وأخذ بيده في يوم شديد الحر لو وضعت فيه بضعة لحم على الشمس لنضجت، فلما رأى الأبيض ذلك انتزع يده من يده ويئس منه أن يغضب، فأنزل الله جل وعلا قصته على نبيه ليصبر على الأذى كما صبر الأنبياء صلوات الله عليهم على البلاء (3) بيان: كأنه سقط من أول الخبر شئ (4)، والقائل: هو (5) نبي آخر غير ذي