الآية أنه الحق الموافق لما تضمنه الكتاب، فاكتفوا به لعدم احتياجهم معه إلى تعرف وجه استنباطه منها، إذ لهم عليهم السلام طرق في استخراج الاحكام، والوقائع من الكلام المجيد لا سبيل لنا إلى معرفتها. لكن ذكر بعض المحققين هنا وجها دقيقا نورده ههنا وهو أن عبارة (حتى عاد كالعرجون القديم) المذكورة من الآية في الحديث للاحتجاج عليه مشتملة على عدة ألفاظ فابتداؤها المتكفل للدلالة على اعتبار انتهاء لما صوره تعالى فيها من سير القمر بالمطابقة متضمن للدلالة على اعتبار ابتداء له أيضا بالالتزام، وذكر العود يدل على اتحادهما، بمعنى أن ما اعتبره من منازله في هذا السير للابتداء اعتبر هو بعينه للانتهاء، وتقييده في ضمن التشبيه بكونه هلالا في خصوص حال العود يدل على اعتبار كونه بدرا مقابلا لها في حال البدء المقابل له، كما يتبادر من لفظ القمر أيضا سيما مع مقابلة الشمس من الطرفين والنكتة حينئذ في اعتبار هذا الترتيب في البدء والعود دون العكس أظهر من الشمس ثم توصيف المشبه به بالقدم يدل على اعتبار هذا الوصف أيضا في جملة وجوه الشبه بل هو أحق بالاعتبار، لاختصاصه بالذكر، وكونه مناطا لسائر الوجوه، كقولهم فلان كالبدر المنير أو كالأسد الغضبان، فمجمل ما أوجز في تلك الكلمات التامات إنما يرى من حال سير القمر في منازله المقدرة له من أنه في أي منزل كان بدرا فيه، في وقت يصير فيه بعينه هلالا شبيها بالعرجون القديم بعد دورات معدودة في أزمنة محدودة على تدريج خاص ونظام معين لا يتغير ولا يتبدل ولا يزيد ولا ينقص وهكذا حاله في جميع الأزمان من عجائب الآيات وغرائب التدبيرات، فبذلك التصوير والتشبيه مع ما عرفت مما مهدناه من أن صيرورته هلالا في منزل كان فيه بدرا يتم بتمام الشهر السادس وحينئذ بتعرضه للصفات المعتبرة في المشبه به ومن جملتها القدم تعرف أن الشئ إذا أتى له ستة أشهر صار موصوفا بالقدم وهذا هو المطلوب.
فان قيل: مدة ستة دورات ناقصة عن ستة أشهر كما عرفت.
قلنا: قد مر أنه شاع في عرف أهل الحساب عد ما زاد على النصف من الكسور