واعلم أن كثيرا من الأمور الشرعية منوطة بهذه الشهور، من الأحوال و الاعمال والآداب، كالمطر في نيسان وآدابه، ولا يعلم أن الشارع بناه على الفصول أو على الشهور، ولعل الأول أظهر فيشكل اعتبار الشهور في تلك الأزمان، إذ لعلهم أرادوا تعيين أوقات الفصول فعينوها بهذه الشهور لموافقتها لتلك الأوقات في تلك الأزمان لكن في بعض الاعمال التي في وقتها اتساع يمكن رعاية الاحتياط بحسب التفاوت بين الزمانين وإيقاعها في الوقت المشترك، وما لم يكن فيه اتساع بعملها في اليومين معا.
ثم إن انقسام السنة الشمسية عند الروم إلى هذه الشهور الاثني عشر التي بعضها ثمانية وعشرون وبعضها ثلاثون وبعضها أحد وثلاثون إنما هو محض اصطلاح منهم، لم يذكر أحد من المحصلين له وجها أو نكتة، وما توهم بعض المشاهير من أنه مبني على اختلاف مدة قطع الشمس كلا من البروج الاثني عشر ظاهر البطلان فإن الحمل والثور عندهم أحد وثلاثون، والجوزاء اثنان وثلاثون، والسرطان والأسد والسنبلة أحد وثلاثون، والميزان والعقرب ثلاثون، والقوس والجدي تسعة وعشرون والدلو والحوت ثلاثون، وظاهر أن الامر في الشهور الرومية ليس على طبقها، كيف وكانون الأول الذي اعتبروه أحدا وثلاثين هو بين القوس والجدي، وكل منهما تسعة وعشرون.
ثم أعلم أن التاريخ تعيين يوم ظهر فيه أمر شائع كملة أو دولة، أو حدث فيه أمر هائل كطوفان أو زلزلة أو حرب عظيم، لمعرفة ما بينه وبين أوقات الحوادث ولضبط ما يجب تعيين وقته في مستقبل الزمان، وقد مرت الإشارة إلى تاريخ الروم والفرس، والشائع المستعمل في زماننا تاريخ الهجرة، وسبب وضعه على ما نقل أنه دفع إلى عمر صك محله شعبان، فقال: أي شعبان هو؟ هذا الذي نحن فيه أو الذي يأتينا؟ أو أن أبا موسى كتب إليه أنه يأتينا من قبلك كتب لا نعرف كيف نعمل فيها، قد قرأنا صكا محله شعبان فما ندري أي الشعبانين هو؟ الماضي أو الآتي؟
فجمع الصحابة واستشارهم فيما يضبط به الأوقات، فقال له الهرمزان ملك الأهواز