في ذي الحجة كما مر، والواقعة قبلها في الشهر السابقة كانت في ذي القعدة، فالشهر الزائد في آخر سنة الستين والمزيد فيها شهر سنة الستين لا التي قبلها، وكذا كل شفع من السنين النسيئية هي التي زيد في آخرها شهر، وقد مر أن الزيادة تكون باعتبار انتقال الحج من شهر إلى آخر، فلو كانت الحجة الواقعة في جمادى الثانية في خلال عام مولده صلى الله عليه وآله هي الحجة الثانية لزم أن تكون الحجة الواقعة بعدها التي هي مبدأ السنة الثانية من السنين النسيئية ومنتهى السنة الأولى قد وقعت في رجب، لأن المفروض على وقوع أزيد من حجتين في شهر، وأن تكون الزيادة في السنة الأولى لا في الثانية، وفي الوتر من السنين التامة النسيئية لا في الشفع، وأن تكون حجة الوداع الحجة الثانية الواقعة في ذي الحجة، لا الأولى، وهو خلاف المنقول والمروي. فظهر أن الحجة الواقعة في جمادى الثانية في خلال عام مولده صلى الله عليه وآله كانت الحجة الأولى، فالحمل به صلى الله عليه وآله في أيام التشريق في السنة السابقة في جمادى الأولى، فمدة الحمل عشرة أشهر بلا زيادة ولا نقصان، أو بزيادة يوم أو بنقصانه على ما ذهب إليه الكليني، وبزيادة أيام على المشهور، من أن يوم الولادة السابع عشر. وقد مر بعض القول منا في ذلك في المجلد السادس في باب ولادته صلى الله عليه وآله وقد ذكرنا هنا جملة من القول في الاختلاف الواقع في يوم مولده صلى الله عليه وآله ولنذكر هنا أيضا بعض القول فيه لما انتهى الكلام إليه، فإن الحديث ذو شجون.
فاعلم أنه لا خلاف في أن يوم الولادة الشريفة من أيام ربيع الأول في عام الفيل قبل الهجرة بثلاث وخمسين سنة، وإنما الخلاف في أنه أي يوم من الشهر المذكور، ولكن علماء الإمامية رضوان الله عليهم متفقون على كونه غير خارج من الثاني عشر والسابع عشر، فالمشهور السابع عشر، قال الشيخ المفيد ره في المقنعة: ولد صلى الله عليه وآله بمكة يوم الجمعة السابع عشر من شهر ربيع الأول في عام الفيل وصدع بالرسالة في يوم السابع والعشرين من رجب وله يومئذ أربعون سنة (انتهى) ونحو ذلك قال شيخ الطائفة وغيرهما من العلماء والمحدثين إلا ثقة الاسلام في