أي من عند مضي كذا، فلا تتقدم الكتبة الماضي من الشهر، وهذا هو مقتضى الخبر دون الأول. ألا ترى إلى ما روي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: نحن قوم أميون لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا وهكذا. وكان يشير في كل واحدة منها بأصابعه العشر يعني تاما ثلاثين يوما، ثم أعاد فقال: هكذا وهكذا وهكذا، وخنس إبهامه في الثالثة يعني ناقصة تسعة وعشرين يوما، فنص صلى الله عليه وآله نصا لا يخفى على أحد أن الشهر يكون تاما مرة ويكون ناقصا أخرى، وأن الحكم جار عليه بالرؤية عليه دون الحساب بقوله لا نكتب ولا نحسب. فإن قالوا: عنى أن كل شهر تام فإن تاليه ناقص كما يحسبه مستخرجو التواريخ، كذبهم العيان إن لم ينكروه، وعرف تمويههم الصغير والكبير فيما ارتكبوه، على أن تتمة الخبر الأول يفصح باستحالة ما ادعوه، وهو قوله صلى الله عليه وآله (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فعدوا شعبان ثلاثين يوما) وفي رواية أخرى (فإن حال بينكم وبين رؤيته سحاب أو قتام فأكملوا العدة ثلاثين) وذلك أنه إذا عرف أن الهلال يرى إما بجدولهم وحسابهم أو بما يستخرجه أصحاب الزيجات وقدم الصوم أو الفطر على رؤيته لم يحتج إلى إتمام شعبان ثلاثين أو إكمال شهر رمضان ثلاثين إذا انطبقت الآفاق بسحاب أو غبار، ولو كان أيضا شهر رمضان تاما أبدا ثم عرف أوله لاستغنى به عن الرؤية لشوال، مع ما روي في كتب الشيعة الزيدية أن الناس صاموا شهر رمضان على عهد أمير المؤمنين عليه السلام ثمانية وعشرين يوما، فأمرهم بقضاء يوم واحد فقضوه، وإنما اتفق ذلك لتوالي شهر شعبان وشهر رمضان عليهم ناقصين معا، و كان حال بينهم وبين الرؤية لرأس شهر رمضان حائل، فأكملوا العدة وتبين الامر في آخره. وروي عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام أنه قال: يصيب شهر رمضان ما يصيب سائر الشهور من الزيادة والنقصان، وروي عنه أيضا أنه قال: إذا حفظتم شعبان وغم عليكم فعدوا ثلاثين وصوموا. وروي عنه عليه السلام أيضا أنه سئل عن الأهلة فقال: هي الشهور، فإذا رأيت الهلال فصم، وإذا رأيته فأفطر. فأما ما روي عن الصادق عليه السلام أنه قال: إذا رأيت هلال رجب فعد تسعة وخمسين يوما ثم صم
(٣٥٦)