يستحيل كونه حيا، وأقوى من ذلك كله في نفي كون الفلك وما فيه من شمس وقمر وكوكب أحياء، السمع والاجماع وأنه لا خلاف بين المسلمين في ارتفاع الحياة عن الفلك وما يشتمل عليه من الكواكب، وأنها مسخرة مدبرة مصرفة وذلك معلوم من دين رسول الله صلى الله عليه وآله ضرورة، وإذا قطعنا على نفي الحياة والقدرة عن الكواكب فكيف تكون فاعلة. وعلى أننا قد سلمنا لهم استظهارا في الحجة أنها قادرة، قلنا: إن الجسم وإن كان قادرا فإنه لا يجوز أن يفعل في غيره إلا على سبيل التوليد، ولا بد من وصلة بين الفاعل والمفعول فيه، والكواكب غير مماسة لنا ولا وصلة بينها وبيننا، فكيف تكون فاعلة فينا؟ فإن ادعى أن الوصلة بيننا هي الهواء، فالهواء أولا لا يجوز أن يكون آلة في الحركات الشديدة وحمل الأثقال ثم لو كان الهواء آلة تحركنا بها الكواكب لوجب أن نحس بذلك ونعلم أن الهواء يحركنا ويصرفنا كما نعلم في غيرنا من الأجسام إذا حركناه بآلة، على أن في الحوادث الحادثة فينا ما لا يجوز أن يفعل بآلة ولا يتولد عن سبب كالإرادات والاعتقادات وأشياء كثيرة، فكيف فعلت الكواكب ذلك فينا وهي لا تصح أن يكون مخترعة للأفعال، لان الجسم لا يجوز أن يكون قادرا إلا بقدرة، والقدرة لا يجوز لامر يرجع إلى نوعها أن تخترع بها الأفعال، فأما الأدمة فليس تؤثرها الشمس على الحقيقة في وجوهنا وأبداننا، وإنما الله تعالى هو المؤثر لها وفاعلها بتوسط حرارة الشمس، كما أنه تعالى هو المحرق على الحقيقة بحرارة النار والهاشم لما يهشمه الحجر بثقله وحرارة الشمس مسودة للأجسام من جهة معقولة مفهومة، كما أن النار تحرق الأجسام على وجه معقول، فأي تأثير للكواكب فينا يجري هذا المجرى في تمييزه والعلم بصحته فليشر إليه، فإن ذلك مما لا قدرة عليه (1).
(٢٨٣)