جعله في هذا الوقت ذا روح وحياة وعلم وبعثه إلى الأرض، لئلا ينافي ما سيأتي من إجماع المسلمين على عدم حياة الأجسام الفلكية وشعورها، وأما أنه كيف صار صغيرا بحيث وسعه الأرض وحضر عند الرجل فيمكن أن يكون على التكاثف، أو على إعدام بعض الاجزاء سوى الأجزاء الأصلية التي بها تشخص الكوكب، ثم إيجاد تلك الأجزاء وإعادتها، كما أن الشخص تتبدل أجزاؤه من أول العمر إلى آخره وتشخصه محفوظ بالاجزاء الأصلية. (وورث علمه أهله) أي كتبه وما علمهم قبل موته، والخبر يدل على أن لهذا العلم أصلا ولا يدل على جواز النظر فيه وتعليمه وتعلمه واستخراج الاحكام منه لسائر الخلق، ولعله يكون فتنة كقصة هاروت وماروت.
59 - الفقيه: بسنده الحسن عن عبد الملك بن أعين قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إني قد ابتليت بهذا العلم، فأريد الحاجة، فإذا نظرت إلى الطالع ورأيت الطالع الشر جلست ولم أذهب فيها، وإذا رأيت الطالع الخير ذهبت في الحاجة، فقال لي: تقضي؟ قلت: نعم، قال: أحرق كتبك (1).
دعوات الراوندي: عن عبد الملك مثله بيان: قوله (تقضي) على بناء المعلوم، أي تحكم بالحوادث وتخبر بالأمور الآتية أو الغائبة، أو تحكم بأن للنجوم تأثيرا، أو أن لذلك الطالع أثرا، أو على بناء المجهول أي إذا ذهبت في الطالع الخير تقضى حاجتك وتعتقد ذلك، والأول عندي أظهر. وهذا خبر معتبر يدل على أظهر الوجوه على أن الاخبار بأحكام النجوم والاعتناء بسعادة النجوم والطوالع محرم يجب الاحتراز عنه.
60 - الفقيه: روي عن ابن أبي عمير أنه قال: كنت أنظر في النجوم وأعرفها واعرف الطالع فيدخلني من ذلك شئ، فشكوت ذلك إلى أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام فقال: إذا وقع في نفسك شئ فتصدق على أول مسكين ثم امض، فإن