رواة الحديث وحملة الاخبار، حتى يروى عنه هذه الأخبار الكثيرة، وأيضا رواية نصر عنه بعيد جدا، فإن نصرا كان من أصحاب الباقر عليه السلام والملعون لم يبق بعد شهادة الحسين عليه السلام إلا قليلا، والشواهد على كونه غيره كثيرة لا تخفى على المتدرب في الاخبار، العارف بأحوال الرجال، وهذا من السيد - ره - غريب، وأما قوله أنه عليه السلام لم يحكم بكفر المنجم فيرد عليه أن الظاهر من التشبيه بالكافر أنه ليس بكافر، وإنما يدل على اشتراكه معه في بعض الصفات لا في جميع الأحكام حتى يقتله في الحال أو بعد امتناعه من التوبة، على أنه عليه السلام لم يشبهه بالكافر بل بالمشبه بالكافر، وأما قوله ولا أبعده ولا عزره، ففيه أنه قد ظهر مما رواه ابن أبي الحديد الايعاد بالحبس المؤبد، والتحريم من العطاء، ولم يعلم أنه أصر المنجم على العمل بالنجوم بعد ذلك حتى يستحق تعزيرا أو نكالا، وعدم اشتمال رواية السيد على هذه الزيادة لا يدل على عدمها، فإن عادة السيد الاقتصار على ما اختاره من كلامه عليه السلام بزعمه لا استيفاء النقل والرواية، مع أن عدم النقل في مثل هذا لا يدل على العدم، وكونه من أصحابه وبينهم لا يدل على كونه مرضيا، فإن جيشه عليه السلام كان مشتملا على كثير من الخوارج والمنافقين كالأشعث أخي هذا المنجم على ما ذكره السيد وغيره أنه كان عفيف بن قيس أخا الأشعث رأس المنافقين ومثير أكثر الفتن وأما قياسه على طلائع الحروب فالفرق بين الامرين بين، فإن ما يهدي إليه الطلائع ونحوهم ليست أمورا يترتب عليها صرف السوء ونيل المحبوب حتما، بل يتوقف على اجتماع أمور كوجود الشرائط وارتفاع الموانع، وكل ذلك لا يتيسر الظفر بها إلا بفضل مسبب الأسباب، بخلاف ما ادعاه المنجم من أن الظفر يترتب حتما على الخروج في الساعة التي اختاره وأما عدم التعوذ من النجوم والمنجم فلان المنجم إنما يعود ضرره إلى نفسه بخلاف الساحر والكاهن فإنه يترتب منهما ضرر كثير على الناس، مع أن الدعاء الذي رواه السيد في كتاب الاستخارات وأوردناه في هذا الباب يتضمن البراءة إلى الله من اللجأ إلى العمل بالنجوم وطلب الاختيارات منها وأما عدم وصف النبي صلى الله عليه وآله بأنه لم يكن منجما لان الكفار إنما كانوا يصفونه
(٢٦٧)