القابل الأول، وهو مادة العناصر المشتركة بينها، وأما الصوري فصورته التي تقبلها مادته، وأما الغائي فهي التي لأجلها وجد، أما الحركات السماوية فإن من الكائنات ما يحتاج في كونه إلى دورة واحدة للفلك، ومنها ما يحتاج إلى بعض دورة، ومنها ما يحتاج إلى جملة من أدواره واتصالاته، وأما القوابل للكائنات فقد تقرر عندهم أيضا أن قبولها لكل كائن معين مشروط باستعداد معين له، وذلك الاستعداد يكون بحصول صورة سابقة عليه، وهكذا قبل كل [صورة] صورة معدة لحصول الصورة بعدها، وكل صورة منها أيضا يستند إلى الاتصالات والحركات الفلكية، ولكل استعداد معين زمان معين وحركة معينة واتصال معين يخصه لا يفي بدركها القوة البشرية، إذا عرفت ذلك فنقول: الاحكام النجومية إما أن تكون جزئية أو كلية، أما الجزئية فأن يحكم مثلا بأن هذا الانسان يكون من حاله كذا وكذا، وظاهر أن مثل هذا الحكم لا سبيل له إلى معرفته إذ العلم به إنما هو من جهة أسبابه، أما الفاعلية فأن يعلم أن الدورة المعينة أو الاتصال المعين سبب لملك هذا الرجل البلد المعين مثلا، وأنه لا سبب فاعلي لذلك إلا هو، والأول باطل لجواز أن يكون السبب غير ذلك الاتصال أو هو مع غيره، أقصى ما في الباب أن يقال: إنما كانت هذه الدورة وهذا الاتصال سببا لهذا الكائن لأنها كانت سببا لمثله في الوقت الفلاني، لكن هذا أيضا باطل، لان كونها سببا للكائن السابق لا يجب أن يكون لكونها مطلقا دورة واتصالا، بل لعله أن يكون لخصوصية كونها تلك المعينة التي لا تعود بعينها فيما بعد، وحينئذ لا يمكن الاستدلال بحصولها على كون حادث، لان المؤثرات المختلفة لا يجب تشابه آثارها والثاني أيضا باطل، لان العقل يجزم بأنه لا اطلاع له على أنه لا مقتضي لذلك الكائن من الأسباب الفاعلة إلا الاتصال المعين، وكيف وقد ثبت أن من الكائنات ما يفتقر إلى أكثر من اتصال واحد ودورة واحدة أو أقل، وأما القابلية فأن يعلم أن المادة قد استعدت لقبول مثل هذا الكائن، واستجمعت جميع شرائط قبوله الزمانية والمكانية والسماوية والأرضية، وظاهر أن الإحاطة بذلك غير ممكنة للانسان.
(٢٦٢)