حساب يبنى عليه مصالح إما دينية كمعرفة أوقات العبادات كالصوم والحج ونحوهما أو دنيوية كآجال المداينات وسائر المعاملات، وكمعرفة الفصول الأربعة ليعمل في كل منها ما يليق به من الحراثة والسفر وأسباب المعاش، وكذلك معرفة قوانين تقريبية من أوضاع الكواكب وحركاتها يهتدي بقصدها وعلى سمتها المسافرون في بر أو بحر، فإن ذلك القدر منها غير محرم، بل لعله من الأمور المستحبة لخلو المصالح المذكورة فيه عن وجوه المفاسد التي تشتمل عليها الاحكام كما سبق ولذلك امتن الله تعالى على عباده بخلق الكواكب في قوله (هو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر (1)) وقوله (لتعلموا عدد السنين و الحساب (2)).
أقول: وروى ابن أبي الحديد هذه الرواية [بوجه آخر] أبسط مما أورده السيد - ره - نقلا من كتاب صفين لابن ديزيل مرسلا قال: عزم علي عليه السلام على الخروج من الكوفة إلى الحرورية، وكان في أصحابه منجم، فقال له: يا أمير المؤمنين لا تسر في هذه الساعة، وسر على ثلاث ساعات مضين من النهار، فإنك إن سرت في هذه الساعة أصابك وأصحابك أذى وضر شديد، وإن سرت في الساعة التي أمرتك بها ظفرت وظهرت وأصبت ما طلبت فقال له علي عليه السلام: أتدري ما في بطن فرسي هذا أذكر أم أنثى؟ قال: إن حسبت علمت، فقال عليه السلام: فمن صدقك بهذا فقد كذب بالقرآن، قال الله تعالى (إن الله عنده علم الساعة - الآية (3) -) ثم قال عليه السلام: إن محمدا صلى الله عليه وآله ما كان يدعي علم ما ادعيت علمه، أتزعم أنك تهدي إلى الساعة التي يصيب النفع من سافر فيها، وتصرف عن الساعة التي يحيق السوء بمن سار فيها؟ فمن صدقك بهذا فقد استغنى عن الاستعانة بالله عز وجل في صرف المكروه عنه، وينبغي للموقن بأمرك أن يوليك الحمد دون الله جل جلاله، لأنك