النور، فإن في إشعار كلامه عليه السلام به نوع خفاء، ويمكن أن يومي إليه قوله عليه السلام (وامتهنك بالزيادة والنقصان) فإن المراد زياد النور ونقصانه، ولا معنى لتفاوت أجزائه في النور إلا زيادته في بعض ونقصانه في بعض آخر كما لا يخفى، فقد تضمن كلامه عليه السلام مجموع تلك الأحوال الستة المختصة بالقمر، وقد مر الكلام في الأربعة الأول منها، وبقي الكلام في الأخيرتين، فنقول: أما الكسوف فهو ذهاب الضوء عن جرم الشمس في الحس كلا أو بعضا، لستر القمر وجهها الموجه لنا كلا أو بعضا، وذلك عند كونهما بحيث يمر خط خارج من البصر بهما، إما مع اتحاد موضعيهما المرئيين، أو كان البعد بينهما أقل من مجموع نصفي قطريهما، فلو تساويا ما سها ولا كسف، وإن زاد الأول فبالأولى، فإن وقع مركزاهما على الخط المذكور كسفها كلها بلا مكث إن كان قطراهما متساويين حسا، ومع مكث إن كان قطرها أصغر، وبقي منها حلقة نورانية إن كان قطرها أعظم، وإن لم يقعا على ذلك الخط كسف منها بعضها أبدا، إلا إذا كان قطره أعظم حسا، فقد يكسفها حينئذ كلا، وربما تبقى منها حلقة نورانية مختلفة الثخن أو قطعة نعلية إن كان قطره أصغر. ولما كان الكسوف غير عارض للشمس لذاتها بل بالقياس إلى رؤيتها بحسب كيفية توسط القمر بينها وبين الابصار أمكن وقوعه في بقعة دون أخرى مع كون الشمس فوق أفقهما، وكونه في إحديهما كليا أو أكثر وفي أخرى جزئيا أو أقل، وابتداء الكسوف من غربي الشمس كما أن ابتداء الانجلاء كذلك.
ثم قال ره وأما محو القمر وهي الظلمة المحسوسة في صفحته فأمره ملتبس والآراء فيه متشعبة، والأقوال متخالفة، وأذكر منها خمسة: الأول أنها آثار وجهه المظلم تأدت إلى وجهه المضئ. وأورد عليه أنه لو كان كذلك لكانت أطرافه أشد ظلمة وأوساطه أشد ضوء الثاني أنه أجرام مختلفة مركوزة مع القمر في تدويره غير قابلة للإنارة بالتساوي، وهو مختار سلطان المحققين ره في التذكرة وأورد عليه أن ما يتوسط بينه وبين الشمس من تلك الاجرام وكذا بيننا وبينه في كل زمان ووضع شئ آخر لتحرك التدوير على نفسه، فكيف يرى دائما على