بحسب إحساسنا فقط، وقد سخره الامر الإلهي لان يتحرك في النصف الأول من الشهر على نهج لا يزيد به المنير منه في كل ليلة إلا شيئا يسيرا لا يستطيع أن يتخطاه ولا يقدر على أن يتعداه، أثبت عليه السلام له الامتهان بسبب إذلاله، وتسخيره للزيادة على هذا الوجه المقرر، والنهج الخاص، وقد شبه بعضهم حال القمر في ظهور القدر المرئي منه شيئا فشيئا في النصف الأول من الشهر إلى أن يصير بدرا، ثم استتاره شيئا فشيئا في النصف الثاني إلى أن يختفي بما إذا أمر السيد عبده بأن لا يكشف النقاب عن وجهه للناظرين إلا على التدريج شيئا فشيئا في مدة معينة، وأنه متى انكشف وجهه بأجمعه فليبادر في الحال إلى ستره وإرخاء النقاب عليه شيئا فشيئا إلى أن يختفي بأجمعه عن الابصار. الوجه الثاني أن يكون مراده عليه السلام الامتهان بمجموع الزيادة والنقصان، أعني التغير من حال إلى حال، وعدم البقاء على شكل واحد ولعل هذا الوجه أقرب، وهو جار فيما نسبه عليه السلام إليه من الطلوع والأفول و الإنارة والكسوف، ويمكن أن يوجه امتهانه بالإنارة بوجه آخر، وهو أن يراد بها إعطاؤه النور للغير كوجه الأرض مثلا لا اتصافه هو بالنور، فإن الإنارة والإضاءة كما جاءا في اللغة لازمين جاءا متعديين أيضا، فحينئذ ينبغي أن يراد بالكسوف كسفه للشمس ليتم المقابلة، ويصير المعنى: امتهنك بأن تفيض النور على الغير تارة وتسلبه عنه أخرى، ولو أريد المعنى الشامل للخسوف أو نفس الخسوف أيضا لم يكن فيه بعد والله أعلم.
ثم قال - ره - لما كانت الشمس ملازمة لمنطقة البروج وكانت أعظم من الأرض كان المستنير بأشعتها أعظم من نصفها والمظلم أقل، وحصل مخروط مؤلف من قطعتين يرتسم إحديهما من الخطوط الشعاعية الواصلة بين الشمس وسطح الأرض، ويسمى مخروط النور والمخروط العظيم، والأخرى من ظل الأرض وتسمى مخروط الظل والمخروط الصغير، ويحيط به طبقه يشوبها ضوء مع بياض يسير، ثم طبقة أخرى يشوبها مع ضوء يسير حمرة، وهذه الطبقات الثلاث تظهر للبصر في المشرق من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس بهذا الترتيب وبعكسه بعد غروبها في المغرب، وقاعدة