من إشكال كما أن إثباته كذلك. ولعله عليه السلام أراد بالظلم في قوله (نور بك الظلم) الأهوية المظلمة لا الظلمات أنفسها، فإنه لا تتصف بالنور، وتجويز كونه عليه السلام أراد ذلك مبني على أن الهواء تتكيف بالضوء وهو مختلف فيه، فالذين جعلوا اللون شرطا في التكيف بالضوء منعوا منه، ويجوز أن يريد بالظلم الأجسام المظلمة سوى الهواء، وهذا أحسن لاستغنائه عن تجشم الاستدلال على قبول الهواء للضوء، وسلامته عن شوب الخلاف، ويمكن أن يكون مراده عليه السلام بتنوير الظلم إعدامها بإحداث الضوء في محالها، وهذا يبتني على القول بأن الظلمة كيفية وجودية كما ذهب إليه جماعة، وهذا الرأي وإن كان الأكثر على بطلانه إلا أن دلائلهم على إبطاله ليست بتلك القوة، فهو باق على أصل الامكان، إلا أن يذود عنه قاطع البرهان فلو جوز مجوز احتمال كونه أحد محامل كلامه عليه السلام لم يكن في ذلك حرج.
(وامتهنك بالزيادة والنقصان والطلوع والأفول والإنارة والكسوف) المهنة بفتح الميم وكسرها وإسكان الهاء: الخدمة والذل والمشقة، والماهن:
الخادم، وامتهنه: استعمله في المهنة، وطلوع الكوكب: ظهوره فوق الأفق أو من تحت شعاع الشمس، وأفوله: غروبه تحته، والكسوف: زوال الضوء عن الشمس أو القمر للعارض المخصوص، وقد يفسر الكسوف بحجب القمر ضوء الشمس عنا أو حجب الأرض ضوء الشمس عنه، وهو تفسير للشئ بسببه. وقال جماعة من أهل اللغة: الأحسن أن يقال في زوال ضوء الشمس كسوف وفي زوال ضوء القمر خسوف فإن صح ما قالوه فلعله عليه السلام أراد بالكسوف زوال الضوء المشترك بين الشمس والقمر لا المختص بالقمر وهو الخسوف ليكون خلاف الأحسن، ولا يخفى أن امتهان القمر حاصل بسبب كثف الشمس أيضا، فإنه هو الساتر لها، ولما كان شمول الكسوف للخسوف أشهر من العكس اختاره عليه السلام ثم قال أراد عليه السلام بالزيادة والنقصان زيادة نور القمر ونقصانه بحسب ما يظهر للحس، لا أن الزيادة والنقصان حاصلان له في الواقع، لان الأزيد من نصفه منير دائما كما بين في محله، وأما زيادته في الاجتماع ونقصانه في الاستقبال كما هو شأن الكرة الصغيرة المستنيرة من الكبيرة