سطح الأرض في بعض الأوقات كوقت الاستقبال أولى، فكان ينبغي أن يظهر على سطح الأرض كما يظهر ظل الغيم ونحوه، وليس فليس والله أعلم بحقائق الأمور.
ثم قال قدس الله لطيفه: ما مر من أن اكتساب النور من الشمس مختص بالقمر لا يشاركه فيه غيره من الكواكب هو المشهور، وعليه الجمهور، فإنهم مطبقون على أن أنوار ما عداه من الكواكب ذاتية غير مكتسبة من الشمس، و استدلوا على ذلك بأنها لو استفادت النور من الشمس لظهر فيه التشكلات البدرية و الهلالية بالبعد والقرب منها كما في القمر، هكذا أورده صاحب التحفة فيها وفي نهاية الادراك. وأقول: فيه نظر، فإن القائل باستفادتها النور من الشمس ليس عليه أن يقول بأن المستضئ منها إنما هو وجهها المقابل للشمس فقط، ليلزمه اختلاف تشكلاته كالقمر بل له أن يقول بنفوذ الضوء من أعماقها كالقطعة من البلور مثلا إذا وقع عليها ضوء الشمس، فإن الناظر إليها من جميع الجهات يبصرها مضيئة بأجمعها فتبصر.
ثم إن صاحب التحفة أورد على الدليل المذكور أن اختلاف التشكلات إنما يلزم في السفليين لا في بقية الكواكب التي فوق الشمس، لكون وجهها المقابل لنا هو المقابل للشمس بخلاف القمر، فيمكن أن يستفيد النور منها ولا يظهر فيها التشكلات الهلالية بالقرب من الشمس، وما يقال من أنه يلزم انخسافها في مقابلات الشمس مدفوع بأن ظل الأرض لا يصل إلى أفلاكها. ثم إنه أجاب عن هذا الايراد بأن تلك الكواكب إذا كانت على سمت الرأس غير قابلة للشمس ولا مقارنة لها لم يكن وجهها المقابل لنا هو المقابل لها بل بعضه. ويلزم اختلاف التشكلات الهلالية.
ثم قال: فإن قيل: إنما لا يرى شئ منها هلاليا لخفاء طرفيه لصغر حجم الكواكب في المنظر وهو ظهوره من البعد المتفاوت مستديرا. قلنا: لو كان كذلك لرؤي الكوكب في قرب الشمس أصغر منه في بعدها.
هذا كلامه، وأقول: فيه نظر، لان للخصم أن يقول: إنما يلزم ذلك لو وقعت دائرة الرؤية فيها مقاطعة لدائرة النور، ولم لا يجوز أن لا يقع أبدا إلا داخلها، إما موازية لها إذا كان الكوكب على سمت الرأس في مقابلة الشمس، أو