لأعلى مراتب التعظيم التي لا يستحقها إلا هو سبحانه، ولذلك لا يجوز أن يستعمل في غيره تعالى، وإن كان منزها عن النقائص. وإلى كلامه هذا ينظر ما قاله بعض الاعلام من أن التنزيه المستفاد من سبحان الله ثلاثة أنواع: تنزيه الذات عن نقص الامكان الذي هو منبع السوء، وتنزيه الصفات عن وصمة الحدوث بل عن كونها مغائرة للذات المقدسة وزائدة عليها، وتنزيه الأفعال عن القبح والعبث بل عن كونها جالبة إليه تعالى نفعا أو دافعة عنه سبحانه ضرا كأفعال العباد. و (ما) في قوله عليه السلام (ما أعجب) إما موصولة، أو موصوفة، أو استفهامية، على الخلاف المشهور في ما التعجبية، وهي مبتدأة والماضي بعدها صلتها أو صفتها على الأولين والخبر محذوف أي الذي أو شئ صيره عجيبا أمر عظيم، أو كونها هو الخبر على الأخير، و (ما) في (ما دبر) مفعول أعجب، وهي كالأولى على الأولين، والعائد المفعول محذوف، والامر والشأن مترادفان.
(جعلك مفتاح شهر حادث لامر حادث) فصل هذه الجملة عما قبلها للاختلاف خبرا وإنشاء مع كون السابقة لا محل لها من الاعراب، والشهر مأخوذ من الشهرة يقال: شهرت الشئ شهرا أي أظهرته وكشفته، وشهرت السيف: أخرجته من الغلاف وتشبيهه الشهر في النفس بالبيت المقفول استعارة بالكناية، وإثبات المفتاح له استعارة تخييلية، ولا يخفى لطافة تشبيه الهلال بالمفتاح. والجار في قوله عليه السلام (لامر حادث) يتعلق بحادث السابق، أي حدوث ذلك الشهر وتجدده لامر حادث مجدد ويجوز تعلقه بجعل، وتنكير (أمر) للابهام وعدم التعين، أي أمر مبهم علينا حاله كما قالوه في قوله تعالى (أو اطرحوه أرضا يخل لكم وجه أبيكم (1) إن المراد أرضا منكورة مجهولة.
وأقول: يحتمل أن يكون المراد بالأمر الحادث ما نيط بالشهور من المصالح الدينية، كالحج والصوم والعدد وسائر العبادات المتعلقة بها، والدنيوية كالمعاملات والديون وسائر الأمور المربوطة بها. وقال الشيخ المتقدم - ره -: جعله عليه السلام مدخول