فإن سترها يقال (كفحه فكافحه) أي واجهه فغلبه ولا يتفاءل به، وإن لم يستره يقال (عدل القمر) ويتفاءل به، وإذا أسرع القمر في سيره فقد يخلي منزلا في الوسط، وإذا أبطأ فقد يبقى ليلتين في منزل، أو ليلتين في أوله وآخرهما في آخره، وقد يرى في بعض الليالي بين منزلين، وما يقال في المشهور إن الظاهر من المنازل في كل ليلة يكون أربعة عشر وكذا الخفي، وأنه إذا طلع منزل غاب رقيبه وهو الخامس عشر من الطالع ظاهر الفساد، لأنها ليست على نفس المنطقة ولا أبعاد ما بينهما (1) متساوية، ولهذا قد يكون الظاهر ستة عشر أو سبعة عشر.
ويمكن أن يقال: إن مرادهم من المنازل نفس المنازل لا علاماتها، وحينئذ يصح الحكمان والمذكوران، وبمثل ما ذكر يعلم فساد ما هو المشهور أيضا من أن ستة بروج ظاهرة وستة خفية، فإنه أيضا إنما يصح بمقتضى الحساب في نفس البروج لا بحسب صورها من الثوابت، لأنها لا تقسم المنطقة على سواء بحيث ينطبق أول صورة كل برج على أوله وآخرها على آخره، ولعل مرادهم بذلك أن نصف البروج نفسها ظاهرة لا أن نصف صورها ظاهرة، فيندفع الخلل عن هذا القول أيضا، والعرب تسمي خروج المنزل من ضياء الفجر طلوعه وغروب رقيبه وقت الصبح سقوطه، و تسمي المنازل التي يكون طلوعها في مواسم المطر (الأنواء) ورقباءها إذا طلعت في غير مواسم المطر (البوارح) والأربعة الشمالية التي أولها الشرطين وآخرها السماك (شامية) والباقية التي أولها الغفر وآخرها بطن الحوت (يمانية) (انتهى).
وقال الشيخ البهائي ره: الظاهر أن مراده عليه السلام بتردد القمر في منازل التقدير عوده إليها في الشهر اللاحق بعد قطعه إياها في السابق، فتكون كلمة (في) بمعنى (إلى) ويمكن أن تبقى على معناها الأصلي بجعل المنازل ظرفا للتردد فإن حركته التي يقطع بها تلك المنازل لما كانت مركبة من شرقية وغربية جعل كأنه لتحركه فيها بالحركتين المختلفتين متردد يقدم رجلا ويؤخر أخرى