إنكارهم (1) وجود مالا تدركه الحواس وإثبات لوجود الايمان بالغيب عند قيام البرهان، وذلك لأنهم يحكمون بالقدم وبتقدم الليل والنهار في الأزمنة الماضية و عدم اجتماعهما فيها، مع أنهم لم يشاهدوا شيئا من ذلك، فيلزمهم أن يعترفوا بوجود ما يغيب عن حواسهم. ويحتمل أن يكون إلى قوله (أو لستم تشاهدون الليل و النهار) إثباتا للحدوث الزماني جدلا بأنهم كما يحكمون بالقدم لعدم مشاهدة الحدوث يلزمهم أن يحكموا بالحدوث لأنهم لم يشاهدوا القدم، والبقية لاثبات الايمان بالغيب أو البقية لاثبات الحدوث بالدليل المشهور عند المتكلمين من عدم الانفكاك عن الحوادث، أو أن الحكم بحدوث كل ليل ونهار يكفي لاحتياجها إلى الصانع، ولا ينفع قدم الطبيعة. ومن قول (أتقولون ما قبلكم) إلى قوله عليه السلام (أقلتم) إثبات لانقطاع الليل والنهار من جهة الماضي، لاستحالة مالا نهاية له وهو انقطاع الزمان، ويلزم منه انقطاع الحركات وحدوث الأجسام والاعراض القائمة بها، ومن قوله (أقلتم) إثبات لامكان العالم المستلزم لوجود الصانع تعالى شأنه.
ويحتمل أن يكون صلى الله عليه وآله تدرج في الاحتجاج، فنزلهم أولا عن مرتبة الانكار إلى الشك، ثم أخذ في الاحتجاج، فمن قوله (أتقولون) إلى آخر الكلام يحتمل أن يكون دليلا واحدا حاصله: أنه لا يخلو من أن يكون الزمان متناهيا أو غيره متناه، وعلى الأول لابد للأشياء لحدوثها من صانع، فقوله (فقد كان ولا شئ منهما) أي كان الصانع قبل وجود شئ منهما، ثم أبطل الثاني بأنكم إنما حكمتم بقدمها لئلا يحتاج إلى صانع، والعقل يحكم بأن ما يوجب الحكم في الحادث بالحاجة إلى الصانع يحكم في القديم أيضا. ويحتمل أن يكون إلى آخر الكلام دليلين، وقد فصلنا الكلام فيه في المجلد الرابع فلا نعيد هنا ودلالته على الحدوث على كل الوجوه ظاهرة.
46 - تفسير علي بن إبراهيم: (وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء) وذلك في مبدأ الخلق، إن الرب تبارك وتعالى خلق