بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥٤ - الصفحة ٢٦٨
كذا لا يمكن للعقل تحصيل الامتياز، ووجود كل واحد في الأوقاف السابقة على زمان التطبيق لا يفيد، لأنه يرجع إلى تطبيق المعدوم، فإن الوجود ضروري عند التطبيق. وأيضا لابد في الانطباق من وجود مجموع الآحاد، وذلك المجموع لا يمكن وجودها، لان ذلك المجموع لم يكن موجود أقبل الحادث الأخير، وبعده لم يبق شئ منه موجودا، والقول بوجودها في مجموع الأوقاب على سبيل التدريج كالحركة القطعية يدفعه أن وجود الكل في جميع الأوقاف على هذا النحو يستلزم وجود الكل بدون شئ من أجزائه. وفيه بحث، إذ يكفي لوجود هذا الكل وجود أجزائه في أجزاء زمان الكل (انتهى).
والتحقيق أن الموجود قد يوجد في ظرف الزمان وهو الدفعيات، وقد يوجد في نفس الزمان وهو التدريجيات، والامر التدريجي مجموعها موجودة في مجموع زمان وجودها على سبيل الانطباق، وليس المجموع موجودا في أبعاض الزمان، ولا في آن من الآنات. فإن سئل: الحركة في اليوم هل هي موجودة في آن من آنات اليوم المفروض أو شئ من ساعاته؟ فالجواب أنها ليست بموجودة أصلا بل في مجموع اليومين، وقد بين ذلك بوجه شاف في مظانه، وانطباق الحوادث المتعاقبة الزمانية بعضها على بعض من قبيل الثاني، فالتطبيق موجود في كل زمان لا في آن فآن، و الانطباق حكمه حكم المنطبقين، كانطباق الحركة على الزمان وانطباق الحركة على المسافة، وهذا ظاهر، ألا ترى أن الكرة المدحرجة على سطح مستو تنطبق دائرة من محيط الكرة على المسافة جزما، وانطباقها لا يمكن أن يكون في آن لأنه لا يمكن التماس بين المستدير والمستوي إلا بنقطة، فظهر أن انطباقهما تدريجي في كل الزمان، أو لا تعلم أن الحركة والزمان متطابقان تدريجا في كل زمان الحركة، ولو لم ينطبق الزمان على الحركة لم يكن مقدارا لها، سواء كانا موجودين في الخارج أولا (1).

(1) وجه ما ذكره رحمه الله في انطباق الحركة على الزمان وكذا انطباق دائرة من الكرة المدحرجة على خط من السطح المستوى تدريجا أنه ليس للحركة والزمان أجزاء موجودة بالفعل حتى ينطبق بعضها على بعض بل للكل وجود واحد فينطبق الكل على الكل، لكن لا يمكن اسراؤه إلى الحوادث المتعاقبة، لان لكل منها وجودا بالفعل منحازا عن وجود الاخر إلا أن يفرض حادث ممتد تدريجي واحد فتأمل.
(٢٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * أبواب * * كليات أحوال العالم وما يتعلق بالسماويات * * الباب الأول * حدوث العالم وبدء خلقه وكيفيته وبعض كليات الأمور 2
3 تفسير الآيات، وبحث وتحقيق حول: " خلق السماوات والأرض في ستة أيام " 6
4 تحقيق في خلق الأرض قبل السماء، أم السماء قبلها 22
5 معنى الحدوث والقدم 31(ه‍)
6 اخبار وخطب في التوحيد 32
7 فيما قاله الرضا عليه السلام لعمران الصابي، وفيه بيان 47
8 الدليل على حدوث الأجسام 62
9 في أن أول ما خلقه الله النور 73
10 في خلق الأشياء 77
11 تفسير قوله تعالى: " وكان عرشه على الماء " 95
12 في إماتة الخلق 104
13 الخطبة التي خطبها أمير المؤمنين (ع) في التوحيد وخلق الأشياء، وفيها بيان 106
14 الخطبة التي خطبها علي عليه السلام، ويذكر فيه ابتداء خلق السماوات... 176
15 في خلق الأشياء من الأنوار الخمسة الطيبة عليهم السلام 192
16 في أن أول ما خلق الله تعالى نور حبيبه محمد صلى الله عليه وآله 198
17 في أن الله تعالى خلق أرض كربلا قبل أن يخلق أرض الكعبة، ودحي الأرض من تحتها 202
18 بيان في علة تخصيص الستة أيام بخلق العالم، وتحقيق حول: اليوم، والسنة القمرية والشمسية، ومعنى الأسبوع في خلق الله 216
19 في بيان معاني الحدوث والقدم 234
20 في تحقيق الأقوال في ذلك 238
21 في كيفية الاستدلال بما تقدم من النصوص 254
22 الدلائل العقلية، وبطلان التسلسل 260
23 في دفع بعض شبه الفلاسفة الدائرة على ألسنة المنافقين والمشككين 278
24 بحث وتحقيق في أول المخلوقات 306
25 بحث وتحقيق ورفع اشكال عن آيات سورة السجدة... 309
26 * الباب الثاني * العوالم ومن كان في الأرض قبل خلق آدم عليه السلام ومن يكون فيها... 316
27 معنى قوله تعالى: " وممن خلقنا أمة يهدون بالحق " والأقوال في هذه الأمة 316
28 في عدد مخلوقات الله تعالى 318
29 في الجن والنسناس 323
30 جابلقا وجابرسا، وقول الصادق عليه السلام: من وراء شمسكم أربعين شمس 329
31 فيما سئله موسى عليه السلام عن بدء الدنيا 331
32 بحث وتحقيق رشيق حول اخبار العوالم وجابلقا وجابرسا، وفي الذيل ما يناسب المقام 349
33 بحث حول عالم المثال 354
34 العلة التي من أجلها سميت الدنيا دنيا والآخرة آخرة 355
35 * الباب الثالث * القلم، واللوح المحفوظ، والكتاب المبين، والامام المبين، وأم الكتاب 357
36 تفسير الآيات 358
37 في اللوح المحفوظ والقلم 362
38 في أن اللوح من درة بيضاء 376