كذا لا يمكن للعقل تحصيل الامتياز، ووجود كل واحد في الأوقاف السابقة على زمان التطبيق لا يفيد، لأنه يرجع إلى تطبيق المعدوم، فإن الوجود ضروري عند التطبيق. وأيضا لابد في الانطباق من وجود مجموع الآحاد، وذلك المجموع لا يمكن وجودها، لان ذلك المجموع لم يكن موجود أقبل الحادث الأخير، وبعده لم يبق شئ منه موجودا، والقول بوجودها في مجموع الأوقاب على سبيل التدريج كالحركة القطعية يدفعه أن وجود الكل في جميع الأوقاف على هذا النحو يستلزم وجود الكل بدون شئ من أجزائه. وفيه بحث، إذ يكفي لوجود هذا الكل وجود أجزائه في أجزاء زمان الكل (انتهى).
والتحقيق أن الموجود قد يوجد في ظرف الزمان وهو الدفعيات، وقد يوجد في نفس الزمان وهو التدريجيات، والامر التدريجي مجموعها موجودة في مجموع زمان وجودها على سبيل الانطباق، وليس المجموع موجودا في أبعاض الزمان، ولا في آن من الآنات. فإن سئل: الحركة في اليوم هل هي موجودة في آن من آنات اليوم المفروض أو شئ من ساعاته؟ فالجواب أنها ليست بموجودة أصلا بل في مجموع اليومين، وقد بين ذلك بوجه شاف في مظانه، وانطباق الحوادث المتعاقبة الزمانية بعضها على بعض من قبيل الثاني، فالتطبيق موجود في كل زمان لا في آن فآن، و الانطباق حكمه حكم المنطبقين، كانطباق الحركة على الزمان وانطباق الحركة على المسافة، وهذا ظاهر، ألا ترى أن الكرة المدحرجة على سطح مستو تنطبق دائرة من محيط الكرة على المسافة جزما، وانطباقها لا يمكن أن يكون في آن لأنه لا يمكن التماس بين المستدير والمستوي إلا بنقطة، فظهر أن انطباقهما تدريجي في كل الزمان، أو لا تعلم أن الحركة والزمان متطابقان تدريجا في كل زمان الحركة، ولو لم ينطبق الزمان على الحركة لم يكن مقدارا لها، سواء كانا موجودين في الخارج أولا (1).