بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥٤ - الصفحة ١١٥
بيان: قد مضى شرح أكثر أجزاء هذه الخطبة في كتاب التوحيد، ولعل غضبه عليه السلام لعلمه بأن غرض السائل وصفه سبحانه بصفات الأجسام، أو لأنه سأل بيان كنه حقيقته سبحانه أو وصفه بصفات أرفع وأبلغ مما نطق به الكتاب والآثار لزعمه أنه لا يكفي في معرفته سبحانه، ويؤيد كلا من الوجوه بعض الفقرات.
و (جامعة) منصوبة على الحالية، أي: عليكم الصلاة. على رفع الصلاة كما حكي أو احضروا الصلاة على نصبها جامعة لكل الناس. وربما يقرء برفعهما على الابتداء والخبرية. وهذا النداء كان شائعا في الخطوب الجليلة وإن كان أصله للصلاة.
(لا يفره) أي لا يكثره (المنع) (1) أي ترك العطاء (ولا يكديه الاعطاء) أي لا يجعله قليل الخير مبطئا فيه، يقال (كدت الأرض) إذا أبطأ نباتها، (وأكدى

(1) قول عليه الصلاة والسلام (لا يفره المنع) أي لا يكثره ترك الاعطاء ولا يزيد في ملكه (ولا يكديه الاعطاء) أي لا يفقره ولا ينتقص من ملكه (إذ كل معط منتقص سواه وكل مانع مذموم ملا خلاه) حسن الاعطاء والجود وقبح المنع والبخل من احكام العقل العملي، و ملاك الحكم أنه يرى الانسان محتاجا إلى بنى نوعه مفتقرا إلى التعاون والتعاضد معهم حتى يسعد في حياته ويبلغ غاية مناه، فلكل فرد من افراد المجتمع قدم في تشكيله، وأثر في ابقائه، وحق على زملائه، وحق عليهم جميعا ان يتحفظوا على الاجتماع، ويراقبوا ثغوره، ويذبوا عن حدوده فحق على الأغنياء المثرين ان يبذلوا على الفقراء المعدمين ولا يدعوهم مفتقرين حتى يهلكوا ويفقد المجتمع بعض أعضائه فينتقض الغرض ويخيب المسعى.
ومن الواضح عدم وجود هذا الملاك في الحق سبحانه لتعاليه عن الحاجة، وترفعه عن النقصان، وتنزهه عن الغرض الزائد على الذات، لكن حيث إن له تعالى مطلق الكمال لجمال وله الأسماء الحسنى والصفات العليا كان ذاته المتعالية وصفاته الجميلة الغير الزائدة عليها مقتضية لصدور الأفعال الحسنة وكان كل أفعاله لا محالة حسنة جميلة، لكن ليس للعقل أن يحكم عليه بوجوب فعل الخير وترك الشر الا بمعنى ادراكه لاقتضاء ذاته سبحانه لهما، و على هذا فلو صدر عنه سبحانه منع أيضا كان حسنا لأنه ليس لأحد عليه تعالى حق حتى يحسن اعطاؤه ويقبح منعه ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون. وهذا هو المراد بقول الامام الثامن عليه السلام (فهو الجواد ان أعطى وهو الجواد أن منع لأنه ان أعطى عبدا أعطاه ما ليس له وان منعه منعه ما ليس له).
(١١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * أبواب * * كليات أحوال العالم وما يتعلق بالسماويات * * الباب الأول * حدوث العالم وبدء خلقه وكيفيته وبعض كليات الأمور 2
3 تفسير الآيات، وبحث وتحقيق حول: " خلق السماوات والأرض في ستة أيام " 6
4 تحقيق في خلق الأرض قبل السماء، أم السماء قبلها 22
5 معنى الحدوث والقدم 31(ه‍)
6 اخبار وخطب في التوحيد 32
7 فيما قاله الرضا عليه السلام لعمران الصابي، وفيه بيان 47
8 الدليل على حدوث الأجسام 62
9 في أن أول ما خلقه الله النور 73
10 في خلق الأشياء 77
11 تفسير قوله تعالى: " وكان عرشه على الماء " 95
12 في إماتة الخلق 104
13 الخطبة التي خطبها أمير المؤمنين (ع) في التوحيد وخلق الأشياء، وفيها بيان 106
14 الخطبة التي خطبها علي عليه السلام، ويذكر فيه ابتداء خلق السماوات... 176
15 في خلق الأشياء من الأنوار الخمسة الطيبة عليهم السلام 192
16 في أن أول ما خلق الله تعالى نور حبيبه محمد صلى الله عليه وآله 198
17 في أن الله تعالى خلق أرض كربلا قبل أن يخلق أرض الكعبة، ودحي الأرض من تحتها 202
18 بيان في علة تخصيص الستة أيام بخلق العالم، وتحقيق حول: اليوم، والسنة القمرية والشمسية، ومعنى الأسبوع في خلق الله 216
19 في بيان معاني الحدوث والقدم 234
20 في تحقيق الأقوال في ذلك 238
21 في كيفية الاستدلال بما تقدم من النصوص 254
22 الدلائل العقلية، وبطلان التسلسل 260
23 في دفع بعض شبه الفلاسفة الدائرة على ألسنة المنافقين والمشككين 278
24 بحث وتحقيق في أول المخلوقات 306
25 بحث وتحقيق ورفع اشكال عن آيات سورة السجدة... 309
26 * الباب الثاني * العوالم ومن كان في الأرض قبل خلق آدم عليه السلام ومن يكون فيها... 316
27 معنى قوله تعالى: " وممن خلقنا أمة يهدون بالحق " والأقوال في هذه الأمة 316
28 في عدد مخلوقات الله تعالى 318
29 في الجن والنسناس 323
30 جابلقا وجابرسا، وقول الصادق عليه السلام: من وراء شمسكم أربعين شمس 329
31 فيما سئله موسى عليه السلام عن بدء الدنيا 331
32 بحث وتحقيق رشيق حول اخبار العوالم وجابلقا وجابرسا، وفي الذيل ما يناسب المقام 349
33 بحث حول عالم المثال 354
34 العلة التي من أجلها سميت الدنيا دنيا والآخرة آخرة 355
35 * الباب الثالث * القلم، واللوح المحفوظ، والكتاب المبين، والامام المبين، وأم الكتاب 357
36 تفسير الآيات 358
37 في اللوح المحفوظ والقلم 362
38 في أن اللوح من درة بيضاء 376