بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥٤ - الصفحة ١١٢
على أكنافها، فجر ينابيع العيون من عرانين أنوفها، وفرقها في سهوب بيدها وأخاديدها، وعدل حركاتها بالراسيات من جلاميدها، وذوات الشناخيب الشم من صياخيدها، فسكنت من الميدان برسوب الجبال في قطع أديمها وتغلغلها متسربة في جوبات خياشيمها، وركوبها أعناق سهول الأرضين وجراثيمها، وفسح بين الجو وبينها، وأعد الهواء متنسما لساكنها (1)، وأخرج إليها أهلها على تمام مرافقها، ثم لم يدع جرز الأرض التي تقصر مياه العيون عن روابيها، و لا تجد جداول الأنهار ذريعة إلى بلوغها، حتى أنشأ لها ناشئة سحاب تحيي مواتها وتستخرج نباتها الف غمامها، بعد افتراق لمعه، وتباين قزعه، حتى إذا تمخضت لجة المزن فيه، والتمع برقة في كففه، ولم ينم وميضه في كنهور ربابه، ومتراكم سحابه، أرسله سحا متداركا قد أسف هيدبه تمر به الجنوب درر أهاضيبه ودفع شئابيبه، فلما ألقت السحاب برك بوانيها، وبعاع ما استقلت به من العب المحمول عليها، أخرج به من هوامل (2) الأرض النبات، ومن زعر الجبال الأعشاب، فهي تبهج بزينة رياضها، وتزدهي بما ألبسته من ربط أزاهيرها، وحلية ما شمطت (3) به من ناضر أنوارها، وجعل ذلك بلاغا للأنام، ورزقا للأنعام وخرق الفجاج في آفاقها وأقام المنار للسالكين على جواد طرقها، فلما مهد أرضه وأنفذ أمره اختار آدم عليه السلام خيره من خلقه، وجعله أول جبلته، وأسكن (4) جنته، وأرغد فيها أكله، وأوعز إليه فيما نهاه عنه، وأعلمه أن في الاقدام عليه التعرض لمعصيته والمخاطرة بمنزلته، فأقدم على ما نهاه عنه موافاة لسابق علمه، فأهبطه بعد التوبة ليعمر أرضه بنسله، وليقيم الحجة به على عباده، ولم يخلهم بعد أن قبضه مما يؤكد عليهم حجة ربوبيته، ويصل بينهم و بين معرفته، بل تعاهدهم بالحجج على ألسن الخيرة

(1) لساكنيها (خ).
(2) في بعض النسخ: (هوامد الأرض) وهو الأظهر.
(3) في المصدر: سمطت. وسيأتي من المؤلف رحمه الله ذكر النسختين وبيان معناهما.
(4) في بعض النسخ: أسكنه.
(١١٢)
مفاتيح البحث: الجود (1)، اللبس (1)، الحج (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * أبواب * * كليات أحوال العالم وما يتعلق بالسماويات * * الباب الأول * حدوث العالم وبدء خلقه وكيفيته وبعض كليات الأمور 2
3 تفسير الآيات، وبحث وتحقيق حول: " خلق السماوات والأرض في ستة أيام " 6
4 تحقيق في خلق الأرض قبل السماء، أم السماء قبلها 22
5 معنى الحدوث والقدم 31(ه‍)
6 اخبار وخطب في التوحيد 32
7 فيما قاله الرضا عليه السلام لعمران الصابي، وفيه بيان 47
8 الدليل على حدوث الأجسام 62
9 في أن أول ما خلقه الله النور 73
10 في خلق الأشياء 77
11 تفسير قوله تعالى: " وكان عرشه على الماء " 95
12 في إماتة الخلق 104
13 الخطبة التي خطبها أمير المؤمنين (ع) في التوحيد وخلق الأشياء، وفيها بيان 106
14 الخطبة التي خطبها علي عليه السلام، ويذكر فيه ابتداء خلق السماوات... 176
15 في خلق الأشياء من الأنوار الخمسة الطيبة عليهم السلام 192
16 في أن أول ما خلق الله تعالى نور حبيبه محمد صلى الله عليه وآله 198
17 في أن الله تعالى خلق أرض كربلا قبل أن يخلق أرض الكعبة، ودحي الأرض من تحتها 202
18 بيان في علة تخصيص الستة أيام بخلق العالم، وتحقيق حول: اليوم، والسنة القمرية والشمسية، ومعنى الأسبوع في خلق الله 216
19 في بيان معاني الحدوث والقدم 234
20 في تحقيق الأقوال في ذلك 238
21 في كيفية الاستدلال بما تقدم من النصوص 254
22 الدلائل العقلية، وبطلان التسلسل 260
23 في دفع بعض شبه الفلاسفة الدائرة على ألسنة المنافقين والمشككين 278
24 بحث وتحقيق في أول المخلوقات 306
25 بحث وتحقيق ورفع اشكال عن آيات سورة السجدة... 309
26 * الباب الثاني * العوالم ومن كان في الأرض قبل خلق آدم عليه السلام ومن يكون فيها... 316
27 معنى قوله تعالى: " وممن خلقنا أمة يهدون بالحق " والأقوال في هذه الأمة 316
28 في عدد مخلوقات الله تعالى 318
29 في الجن والنسناس 323
30 جابلقا وجابرسا، وقول الصادق عليه السلام: من وراء شمسكم أربعين شمس 329
31 فيما سئله موسى عليه السلام عن بدء الدنيا 331
32 بحث وتحقيق رشيق حول اخبار العوالم وجابلقا وجابرسا، وفي الذيل ما يناسب المقام 349
33 بحث حول عالم المثال 354
34 العلة التي من أجلها سميت الدنيا دنيا والآخرة آخرة 355
35 * الباب الثالث * القلم، واللوح المحفوظ، والكتاب المبين، والامام المبين، وأم الكتاب 357
36 تفسير الآيات 358
37 في اللوح المحفوظ والقلم 362
38 في أن اللوح من درة بيضاء 376