اشتياق يعقوب إلى يوسف، وخير لي مصرع أنا لاقيه، كأني بأوصالي يتقطعها عسلان الفلوات، بين النواويس وكربلا، فيملآن مني أكراشا جوفا وأجربة سغبا لا محيص عن يوم خط بالقلم، رضى الله رضانا أهل البيت، نصبر على بلائه، ويوفينا أجور الصابرين، لن تشذ عن رسول الله لحمته، وهي مجموعة له في حظيرة القدس تقربهم عينه، وتنجز لهم وعده، من كان فينا باذلا مهجته، موطنا على لقاء الله نفسه فليرحل معنا فاني راحل مصبحا إنشاء الله (1).
أقول: روى هذه الخطبة في كشف الغمة عن كمال الدين ابن طلحة (2).
قال السيد وابن نما رحمهما الله: ثم سار حتى مر بالتنعيم، فلقي هناك عيرا تحمل هدية قد بعث بها بحير بن ريسان الحميري عامل اليمن إلى يزيد بن معاوية وكان عامله على اليمين وعليها الورس والحلل فأخذها عليه السلام لأن حكم أمور المسلمين إليه، وقال لأصحاب الإبل: من أحب منكم أن ينطلق معنا إلى العراق وفيناه كراه وأحسنا صحبته، ومن أحب أن يفارقنا من مكاننا هذا أعطيناه من الكرى بقدر ما قطع من الطريق، فمضى قوم وامتنع آخرون.
ثم سار عليه السلام: حتى بلغ ذات عرق، فلقي بشر بن غالب واردا من العراق فسأله عن أهلها، فقال: خلفت القلوب معك، والسيوف مع بني أمية. فقال: صدق أخو بني أسد إن الله يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد.
قال: ثم سار صلوات الله عليه حتى نزل الثعلبية وقت الظهيرة فوضع رأسه فرقد ثم استيقظ فقال: قد رأيت هاتفا يقول: أنتم تسرعون، والمنايا تسرع بكم إلى الجنة، فقال له ابنه علي: يا أبه أفلسنا على الحق؟ فقال: بلى با بني والذي إليه مرجع العباد، فقال: يا أبه إذن لا نبالي بالموت، فقال له الحسين عليه السلام جزاك الله يا بني خير ما جزا ولدا عن والد ثم بات عليه السلام في الموضع.
فلما أصبح إذا برجل من أهل الكوفة يكنى أبا هرة الأزدي، قد أتاه