أمرت أن لا أفارقك حتى أقدمك الكوفة فإذ أبيت فخذ طريقا لا يدخلك الكوفة ولا يردك إلى المدينة يكون بيني وبينك نصفا حتى أكتب إلى الأمير عبيد الله بن زياد فلعل الله أن يرزقني العافية من أن ابتلى بشئ من أمرك فخذ ههنا.
فتياسر عن طريق العذيب والقادسية، وسار الحسين عليه السلام وسار الحر في أصحابه يسايره، وهو يقول له: يا حسين إني أذكرك الله في نفسك فاني أشهد لئن قاتلت لتقتلن فقال له الحسين عليه السلام: أفبالموت تخوفني؟ وهل يعدو بكم الخطب أن تقتلوني وسأقول كما قال أخو الأوس لابن عمه وهو يريد نصرة رسول الله صلى الله عليه وآله فخوفه ابن عمه وقال: أين تذهب فإنك مقتول؟ فقال:
سأمضي وما بالموت عار على الفتى * إذا ما نوى حقا وجاهد مسلما وآسى الرجال الصالحين بنفسه * وفارق مثبورا وودع مجرما فان عشت لم أندم وإن مت لم ألم * كفى بك ذلا أن تعيش وترغما (1) أقول: وزاد محمد بن أبي طالب قبل البيت الأخير هذا البيت:
أقدم نفسي لا أريد بقاءها * لتلقى خميسا في الوغى وعرمرما ثم قال: ثم أقبل الحسين عليه السلام على أصحابه وقال: هل فيكم أحد يعرف الطريق على غير الجادة؟ فقال الطرماح: نعم يا ابن رسول الله أنا أخبر الطريق فقال الحسين عليه السلام: سر بين أيدينا فسار الطرماح واتبعه الحسين عليه السلام وأصحابه وجعل الطرماح يرتجز ويقول:
يا ناقتي لا تذعري من زجري * وأمضي بنا قبل طلوع الفجر بخير فتيان وخير سفر * آل رسول الله آل الفخر السادة البيض الوجوه الزهر * الطاعنين بالرماح السمر الضاربين بالسيوف البتر * حتى تحلى بكريم الفخر الماجد الجد رحيب الصدر * أثابه الله لخير أمر عمره الله بقاء الدهر