ينظر إليهما ابن زياد، فقال له: إن علي بالكوفة دينا استدنته منذ قدمت الكوفة سبع مائة درهم، فبع سيفي ودرعي فاقضها عني وإذا قتلت فاستوهب جثتي من ابن زياد فوارها، وابعث إلى الحسين عليه السلام من يرده فاني قد كتبت إليه اعلمه أن الناس معه، ولا أراه إلا مقبلا.
فقال عمر لابن زياد: أتدري أيها الأمير ما قال لي؟ إنه ذكر كذا وكذا فقال ابن زياد: إنه لا يخونك الأمين ولكن قد يؤتمن الخائن أما ماله فهو له، ولسنا نمنعك أن تصنع به ما أحب، وأما جثته فانا لا نبالي إذا قتلناه ما صنع بها، وأما حسين فإنه إن لم يردنا لم نرده.
ثم قال ابن زياد: إيه ابن عقيل: أتيت الناس وهم جمع فشتت بينهم، وفرقت كلمتهم، وحملت بعضهم على بعض، قال: كلا لست لذلك أتيت، ولكن أهل المصر زعموا أن أباك قتل خيارهم، وسفك دماءهم، وعمل فيهم أعمال كسرى وقيصر فأتيناهم لنأمر بالعدل، وندعو إلى الكتاب، فقال له ابن زياد: وما أنت وذاك يا فاسق؟ لم لم تعمل فيهم بذلك إذ أنت بالمدينة تشرب الخمر؟ قال مسلم: أنا أشرب الخمر؟ أما - والله - إن الله ليعلم أنك غير صادق، وأنك قد قلت بغير علم وأني لست كما ذكرت، وأنك أحق بشرب الخمر مني، وأولى بها من يلغ في دماء المسلمين ولغا، فيقتل النفس التي حرم الله قتلها، ويسفك الدم الذي حرم الله على الغصب والعداوة، وسوء الظن، وهو يلهو ويلعب، كان لم يصنع شيئا.
فقال له ابن زياد: يا فاسق إن نفسك منتك ما حال الله دونه، ولم يرك الله له أهلا فقال مسلم: فمن أهله إذا لم نكن نحن أهله؟ فقال ابن زياد: أمير المؤمنين يزيد، فقال مسلم: الحمد لله على كل حال، رضينا بالله حكما بيننا وبينكم فقال له ابن زياد: قتلني الله إن لم أقتلك قتلة لم يقتلها أحد في الاسلام من الناس، فقال له مسلم: أما إنك أحق من أحدث في الاسلام ما لم يكن وإنك لا تدع سوء القتلة وقبح المثلة وخبث السيرة ولؤم الغلبة، لا أحد أولى بها منك، فأقبل ابن زياد يشتمه ويشتم الحسين وعليا وعقيلا وأخذ مسلم لا يكلمه.