وا حسيناه، ثم جاء عبد الله بن عمر فأشار عليه بصلح أهل الضلال وحذره من القتل والقتال، فقال: يا أبا عبد الرحمان أما علمت أن من هوان الدنيا على الله تعالى أن رأس يحيى بن زكريا أهدي إلى بغي من بغايا بني إسرائيل أما تعلم أن بني إسرائيل كانوا يقتلون ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس سبعين نبيا ثم يجلسون في أسواقهم يبيعون ويشترون كأن لم يصنعوا شيئا فلم يعجل الله عليهم بل أخذهم بعد ذلك أخذ عزيز ذي انتقام اتق الله يا أبا عبد الرحمان، ولا تدع نصرتي (1).
ثم قال المفيد - رحمه الله - وروي عن الفرزدق أنه قال: حججت بأمي في سنة ستين، فبينما أنا أسوق بعيرها حتى دخلت الحرم إذ لقيت الحسين عليه السلام خارجا من مكة، معه أسيافه وتراسه، فقلت: لمن هذا القطار؟ فقيل: للحسين بن علي عليهما السلام فأتيته وسلمت عليه. وقلت له: أعطاك الله سؤلك وأملك فيما تحب بأبي أنت وأمي يا ابن رسول الله ما أعجلك عن الحج؟ قال: لو لم أعجل لاخذت ثم قال لي: من أنت؟ قلت: رجل من العرب، ولا والله ما فتشني عن أكثر من ذلك.
ثم قال لي: أخبرني عن الناس خلفك؟ فقلت: الخبير سألت قلوب الناس معك وأسيافهم عليك، والقضاء ينزل من السماء والله يفعل ما يشاء قال: صدقت لله الأمر من قبل ومن بعد، وكل يوم [ربنا] هو في شأن، إن نزل القضاء بما نحب فنحمد الله على نعمائه، وهو المستعان على أداء الشكر، وإن حال القضاء دون الرجاء، فلم يبعد من كان الحق نيته، والتقوى سيرته، فقلت له: أجل بلغك الله ما تحب وكفاك ما تحذر، وسألته عن أشياء من نذور ومناسك فأخبرني بها، وحرك راحلته وقال: السلام عليك ثم افترقنا.
وكان الحسين بن علي عليه السلام لما خرج من مكة اعترضه يحيى بن سعيد بن العاص، ومعه جماعة أرسلهم إليه عمرو بن سعيد، فقالوا له: انصرف أين تذهب؟
فأبى عليهم ومضى، وتدافع الفريقان واضطربوا بالسياط، فامتنع الحسين عليه السلام وأصحابه منهم امتناعا قويا وسار حتى أتى التنعيم، فلقي عيرا قد أقبلت من اليمن