ورفعكم به من الجهالة، وأعزكم بعد الذلة، وكثركم بعد القلة، وإن معاوية نازعني حقا هو لي دونه، فنظرت لصلاح الأمة، وقطع الفتنة، وقد كنتم بايعتموني على أن تسالموا من سالمت، وتحاربوا من حاربت، فرأيت أن أسالم معاوية وأضع الحرب بيني وبينه، وقد بايعته، ورأيت أن حقن الدماء خير من سفكها ولم أرد بذلك إلا صلاحكم وبقاءكم، وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين.
بيان: يقال " لا غرو " أي ليس بعجب قوله " ولا أثر " الجملة حالية أي والحال أنه ليس لك أثر محمود، وفعل ممدوح في الاسلام.
أقول: سيأتي في كتاب الغيبة في الخبر الطويل الذي رواه المفضل بن عمر عن الصادق عليه السلام في الرجعة (1) أنه عليه السلام قال: يا مفضل ويقوم الحسن عليه السلام إلى جده صلى الله عليه وآله فيقول: يا جداه كنت مع أمير المؤمنين عليه السلام في دار هجرته بالكوفة حتى استشهد بضربة عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله فوصاني بما وصيته يا جداه وبلغ اللعين معاوية قتل أبي فأنفذ الدعي اللعين زيادا إلى الكوفة في مائة ألف وخمسين ألف مقاتل، فأمر بالقبض علي وعلى أخي الحسين، وسائر إخواني وأهل بيتي وشيعتنا وموالينا، وأن يأخذ علينا البيعة لمعاوية لعنه الله، فمن أبى منا ضرب عنقه، وسير إلى معاوية رأسه (2).
فلما علمت ذلك من فعل معاوية، خرجت من داري فدخلت جامع الكوفة للصلاة ورقأت المنبر واجتمع الناس فحمدت الله وأثنيت عليه وقلت: معشر الناس