ثم رفعت رأسي نحو السماء فقلت: اللهم إني قد دعوت وأنذرت، وأمرت ونهيت، وكانوا عن إجابة الداعي غافلين، وعن نصرته قاعدين، وفي طاعته مقصرين ولأعدائه ناصرين، اللهم فأنزل عليهم رجزك وبأسك، وعذابك الذي لا يرد عن القوم الظالمين، ونزلت.
ثم خرجت من الكوفة داخلا إلى المدينة، فجاؤوني يقولون: إن معاوية أسرى سراياه إلى الأنبار والكوفة، وشن غاراته على المسلمين، وقتل من لم يقاتله وقتل النساء والأطفال، فأعلمتهم أنه لا وفاء لهم، فأنفذت معهم رجالا وجيوشا وعرفتهم أنهم يستجيبون لمعاوية، وينقضون عهدي وبيعتي، فلم يكن إلا ما قلت لهم وأخبرتهم.
أقول: أوردت الخبر بتمامه وشرحه في كتاب الغيبة.
وقال عبد الحميد بن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة: روي أن أبا جعفر محمد ابن علي الباقر عليهما السلام قال لبعض أصحابه: يا فلان ما لقينا من ظلم قريش إيانا وتظاهرهم علينا، وما لقي شيعتنا ومحبونا من الناس، إن رسول الله صلى الله عليه وآله قبض و قد أخبر أنا أولى الناس بالناس فتمالأت علينا قريش حتى أخرجت الأمر عن معدنه واحتجت على الأنصار بحقنا وحجتنا، تداولتها قريش واحد بعد واحد حتى رجعت إلينا فنكثت بيعتنا، ونصبت الحرب لنا، ولم يزل صاحب الأمر في صعود كؤد حتى قتل.
فبويع الحسن ابنه وعوهد، ثم غدر به، وأسلم، ووثب عليه أهل العراق حتى طعن بخنجر في جنبه وانتهب عسكره، وعولجت خلاخيل أمهات أولاده فوادع معاوية وحقن دمه ودماء أهل بيته، وهم قليل حق قليل.
ثم بايع الحسين عليه السلام من أهل العراق عشرون ألفا ثم غدروا به، وخرجوا عليه، وبيعته في أعناقهم فقتلوه.
ثم لم نزل أهل البيت نستذل ونستضام، ونقصي ونمتهن، ونحرم ونقتل ونخاف ولا نأمن على دمائنا ودماء أولياءنا، ووجد الكاذبون الجاحدون لكذبهم