فبعثوا إلى الحسن عليه السلام فلما أتاه الرسول قال له: يدعوك معاوية، قال:
ومن عنده؟ قال الرسول: عنده فلان وفلان وسمى كلا منهم باسمه فقال الحسن عليه السلام: مالهم خر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون ثم قال: يا جارية أبلغيني ثيابي، ثم قال: اللهم إني أدرأ بك في نحورهم، وأعوذ بك من شرورهم، وأستعين بك عليهم، فاكفينهم بما شئت وأنى شئت، من حولك وقوتك يا أرحم الراحمين، وقال للرسول: هذا كلام الفرج.
فلما أتى معاوية رحب به وحياه وصافحه، فقال الحسن عليه السلام: إن الذي حييت به سلامة، والمصافحة أمنة، فقال معاوية: أجل إن هؤلاء بعثوا إليك و عصوني ليقرروك أن عثمان قتل مظلوما وأن أباك قتله، فاسمع منهم ثم أجبهم بمثل ما يكلمونك، ولا يمنعك مكاني من جوابهم.
فقال الحسن عليه السلام: سبحان الله البيت بيتك، والاذن فيه إليك، والله لئن أجبتهم إلى ما أرادوا، إني لأستحيي لك من الفحش، ولئن كانوا غلبوك إني لأستحيي لك من الضعف، فبأيهما تقر؟ ومن أيهما تعتذر؟ أما إني لو علمت بمكانهم واجتماعهم، لجئت بعدتهم من بني هاشم، ومع وحدتي هم أوحش مني مع جمعهم، فإن الله عز وجل لوليي اليوم وفيما بعد اليوم، فليقولوا فأسمع، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
فتكلم عمرو بن عثمان بن عفان فقال: ما سمعت كاليوم، أن بقي من بني عبد المطلب على وجه الأرض من أحد بعد قتل الخليفة عثمان بن عفان، وكان [من] ابن أختهم، والفاضل في الاسلام منزلة، والخاص برسول الله صلى الله عليه وآله أثرة فبئس كرامة الله حتى سفكوا دمه اعتداء وطلبا للفتنة، وحسدا ونفاسة، وطلب ما ليسوا بآهلين لذلك، مع سوابقه ومنزلته من الله ومن رسوله ومن الاسلام فيا ذلاه أن يكون حسن وسائر بني عبد المطلب قتلة عثمان أحياء يمشون على مناكب الأرض وعثمان مضرج بدمه، مع أن لنا فيكم تسعة عشر دما بقتلى بني أمية ببدر.