الكوفة دعا بدعوات، فإذا حصى المسجد د وياقوت، فقال لهما: ما الذي تريان؟
قالا: هذا در وياقوت، فقال: لو أقسمت على ربي فيما هو أعظم من هذا لأبر قسمي، فرجع أحدهما كافرا، وأما الآخر فثبت، فقال عليه السلام له: إن أخذت شيئا ندمت وإن تركت ندمت، فلم يدعه حرصه حتى أخذ درة فصيرها في كمه، حتى إذا أصبح نظر إليها فإذا هي درة بيضاء لم ينظر الناس إلى مثلها، فقال: يا أمير المؤمنين إني أخذت من ذلك الدر واحدة، قال: وما دعاك إلى ذلك؟ قال: أحببت أن أعلم أحق هو أم باطل، قال: إنك إن رددتها إلى الموضع الذي أخذتها منه عوضك الله الجنة، وإن أنت لم تردها عوضك الله النار، فقام الرجل فردها إلى موضعها الذي أخذها منه، فحولها الله حصاة كما كان، فبعضهم قال: كان هذا ميثم التمار وقال بعضهم: بل كان عمرو بن الحمق الخزاعي (1).
21 - إعلام الورى، الإرشاد: من معجزات أمير المؤمنين عليه السلام ما رواه أهل السير واشتهر به الخبر في العامة والخاصة حتى نظمه الشعراء وخطب به البلغاء ورواه الفهماء والعلماء من حديث الراهب بأرض كربلاء والصخرة، وشهرته تغني عن تكلف إيراد الاسناد له، وذلك أن الجماعة روت أن أمير المؤمنين عليه السلام لما توجه إلى صفين لحق أصحابه عطش شديد، ونفد ما كان عندهم من الماء، فأخذوا يمينا وشمالا يلتمسون الماء فلم يجدوا له أثرا، فعدل بهم أمير المؤمنين عليه السلام عن الجادة وسار قليلا، ولاح (2) لهم دير في وسط البرية فسار بهم نحوه حتى إذا صار في فنائه أمر من نادى ساكنه بالاطلاع إليهم، فنادوه فأطلع، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام:
هل قرب قائمك هذا من ماء يتغوث به هؤلاء القوم؟ فقال: هيهات بيني وبين الماء أكثر من فرسخين، وما بالقرب مني شئ من الماء، ولولا أنني أوتي بماء يكفيني كل شهر على التقتير لتلفت عطشا، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: أسمعتم ما قال الراهب؟
قالوا: نعم، أفتأمرنا بالمسير إلى حيث أوما إليه لعلنا أن ندرك الماء (3) وبنا قوة؟