قوله تعالى: " يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين (1) " فجاهد النبي صلى الله عليه وآله الكفار في حياته، وأمر عليا بجهاد المنافقين، قوله: " تقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين " وحديث خاصف النعل، وحديث كلاب الحوأب، وحديث " تقتلك الفئة الباغية " وحديث ذي الثدية وغير ذلك، وهذا من صفات الخلفاء، ولا يعارض ذلك بقتال أهل الردة، لان النبي صلى الله عليه وآله كان أمر عليا بقتال هؤلاء بإجماع أهل الأثر وحكم المسمين أهل الردة لا يخفى على منصف.
المعروفون بالجهاد علي وحمزة وجعفر وعبيدة بن الحارث والزبير وطلحة وأبو دجانة وسعد بن أبي وقاص والبراء بن عازب وسعد بن معاذ ومحمد بن مسلمة وقد اجتمعت الأمة على أن هؤلاء لا يقاس بعلي في شوكته وكثرة جهاده، فأما أبو بكر وعمر فقد تصفحنا كتب المغازي فما وجدنا لهما فيه أثرا البتة، وقد اجتمعت الأمة أن عليا كان المجاهد في سبيل الله، والكاشف الكرب عن وجه رسول الله صلى الله عليه وآله، المقدم في سائر الغزوات إذا لم يحضر النبي صلى الله عليه وآله، وإذا حضر فهو تاليه والصاحب للراية (2) واللواء معا، وما كان قط تحت لواء أحد، ولا فر من زحف وإنهما فرا في غير موضع، وكانا تحت لواء جماعة.
واستدل أصحابنا بقوله: " ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله (3) " أن المعني بها أمير المؤمنين عليه السلام لأنه كان جامعا لهذه الخصال بالاتفاق، ولا قطع على كون