وقال أمير المؤمنين عليه السلام لما بايعه الملعون عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله قال له: تالله إنك غير وفي ببيعتي، ولتخضبن هذه من هذا - وأشار بيده إلى كريمته وكريمه - فلما أهل شهر رمضان جعل يفطر ليلة عند الحسن وليلة عند الحسين عليهما السلام فلما كان بعض الليالي قال: كم مضى من رمضان؟ قالا له: كذا وكذا، فقال لهما عليهما السلام: في العشر الأخير تفقدان أبيكما، فكان كما قال (1) عليه السلام.
ومن فضائله التي خصه الله بها أنه وفد إليه المغيرة بن شعبة وهو قائم يصلي في محرابه، فسلم عليه فلم رد عليه السلام، فقال: يا أمير المؤمنين أسلم عليك فلم ترد علي السلام كأنك لم تعرفني؟ فقال: بلى والله أعرفك، وكأني أشم منك ريح الغزل، فقام المغيرة يجر أذياله، فقال جماعة الحاضرين بعد قيامه: يا أمير المؤمنين ما هذا القول؟ فقال: نعم، ما قلت فيه إلا حقا، كأني والله أنظر إليه وإلى أبيه وهما ينسجان مآزر الصوف باليمن، فتعجب الناس من كلامه، ولم يكن أحد يعرفه بما خاطبه به أمير المؤمنين عليه السلام، وهذه معجزة لا يقدر عليها أحد غيره ولا الهم بها سواه (2).
50 - فص: علي بن الحسن بن محمد بن مندة، عن محمد بن الحسين الكوفي، عن إسماعيل بن موسى بن إبراهيم، عن سليمان بن حبيب، عن شريك عن حكيم بن جبير عن إبراهيم النخعي، عن علقمة بن قيس قال: خطبنا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام على منبر الكوفة خطبته اللؤلؤة، فقال فيما قال في آخرها: ألا وإني ظاعن عن قريب ومنطلق إلى المغيب، فارتقبوا الفتنة الأموية والمملكة الكسروية، وإماتة ما أحياه الله وإحياء ما أماته الله، واتخذوا صوامعكم بيوتكم، وعضوا على مثل جمر الغضا (3)، واذكروا الله كثيرا فذكره أكبر لو كنتم تعلمون، ثم قال: