ولا نجا من ضربته أحد فصلح منها إلا أمير المؤمنين عليه السلام فإنه لا مرية في ظفره بكل قرن بارزه، وإهلاكه كل بطل نازله، وهذا أيضا مما انفرد به من كافة الأنام وخرق الله عز وجل به العادة في كل حين وزمان، وهو من دلائله الواضحة.
ومن آيات الله تعالى أيضا فيه أنه مع طول ملاقاته الحروب وملابسته إياها وكثرة من مني به فيها من شجعان الأعداء وصناديدهم وتجمعهم عليه واحتيالهم في الفتك به وبذل الجهد في ذلك ما ولى قط عن أحد منهم ظهره، ولا انهزم منهم (1) ولا تزحزح عن مكانه، ولا هاب أحدا من أقرانه، ولم يلق أحد سواه خصما له في حرب إلا وثبت له حينا وانحرف عنه حينا، وأقدم عليه وقتا وأحجم عنه زمانا، وإذا كان الامر على ما وصفناه ثبت ما ذكرناه من انفراده بالآية الباهرة والمعجزة الظاهرة، وخرق العادة فيه بما دل الله به على إمامته، وكشف به عن فرض طاعته وأبانه بذلك عن كافة خليقته (2).
8 - مناقب ابن شهرآشوب: في حديث عمار: لما أرسل النبي صلى الله عليه وآله عليا إلى مدينة عمان في قتال الجلندي بن كركر (3) وجرى بينهما حرب عظيم وضرب وجيع دعا الجلندي بغلام يقال له: الكندي، وقال له: إن أنت خرجت إلى صاحب العمامة السوداء والبغلة الشهباء فتأخذه أسيرا أو تطرحه مجدلا عفيرا أزوجك ابنتي التي لم أنعم لأولاد الملوك بزواجها، فركب الكندي الفيل الأبيض، وكان مع الجلندي ثلاثون فيلا، وحمل بالأفيلة والعسكر على أمير المؤمنين عليه السلام فلما نظر الامام إليه نزل عن بغلته، ثم كشف عن رأسه فأشرقت الفلاة طولا وعرضا، ثم ركب ودنا من الأفيلة، وجعل يكلمها بكلام لا يفهمه الآدميون، وإذا بتسعة وعشرين فيلا قد دارت رؤوسها، وحملت على عسكر المشركين، وجعلت تضرب فيهم يمينا وشمالا حتى أوصلتهم إلى باب عمان، ثم رجعت وهي تتكلم بكلام يسمعه الناس: يا علي