من نفسك من تستقبحه من غيرك، فإن أربابها نسبوا أنفسهم إليه، وصنفوا في ذلك كتبا، وجعلوا لذلك إسنادا أنهوه إليه وقصروه عليه، وسموه سيد الفتيان، وعضدوا مذاهبهم (1) بالبيت المشهور المروي أنه سمع من السماء يوم أحد: " لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي " وما أقول في رجل أبوه أبو طالب سيد البطحاء، وشيخ قريش ورئيس مكة، قالوا: قل أن يسود فقير وساد أبو طالب وهو فقير لا مال له، وكانت قريش تسميه الشيخ، وفي حديث عفيف الكندي: لما رأى النبي صلى الله عليه وآله يصلي في مبدء الدعوة ومعه غلام وامرأة قال (2): فقلت للعباس: أي شئ هذا؟ قال: هذا ابن أخي يزعم أنه رسول من الله إلى الناس، ولم يتبعه على قوله إلا هذا الغلام وهو ابن أخي أيضا، وهذه الامرأة وهي زوجته قال: فقلت:
فما الذي تقولونه أنتم؟ قال: ننتظر ما يفعل الشيخ - قال: يعني أبا طالب - وهو الذي كفل الرسول الله صلى الله عليه وآله صغيرا، وحماه وحاطه كبيرا، ومنعه من مشركي قريش، ولقي لأجله عناء عظيما (3)، وقاسى بلاء شديدا، وصبر على نصره والقيام بأمره، وجاء في الخبر أنه لما توفي أبو طالب أوحي إليه وقيل له: اخرج منها فقد مات ناصرك، وله مع شرف هذه الأبوة أن ابن عمه محمد صلى الله عليه وآله سيد الأولين والآخرين، وأخاه جعفر ذو الجناحين الذي قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: أشبهت خلقي وخلقي (4)، وزوجته سيدة نساء العالمين، وابنيه سيدا شباب أهل الجنة، فآباؤه آباء رسول الله وأمهاته أمهات رسول الله صلى الله عليه وآله وهو مسوط (5) بلحمه ودمه، لم يفارقه منذ خلق الله آدم إلى أن ماز (6) عبد المطلب، بين الأخوين عبد الله وأبي طالب