إنه (1) مخلوق، فقال: أثبت له الخلق بالتدبير الذي لزمه، والتصوير والتغيير من حال إلى حال، والزيادة التي لم ينفك (2) منها والنقصان، ولم أنف عنه النبوة ولا أخرجته من العصمة والكمال والتأييد، قال: فبما بنت أيها العالم من الرعية (3) الناقصة عنك؟ قال: بما أخبرتك به من علمي (4) بما كان وما يكون، قال: فهلم شيئا من ذلك أتحقق به دعواك، قال عليه السلام: خرجت أيها النصراني من مستقرك مستنكرا لمن قصدت بسؤالك له، مضمرا خلاف ما أظهرت من الطلب والاسترشاد فأريت في منامك مقامي، وحدثت فيه بكلامي، وحذرت فيه من خلافي، وأمرت فيه باتباعي، قال: صدقت والله وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله وأنك وصي رسول الله وأحق الناس بمقامه، وأسلم الذين كانوا معه.
فقال عمر: الحمد لله الذي هداك أيها الرجل، غير أنه يجب أن تعلم أن علم النبوة في أهل بيت صاحبها والامر من بعده لمن خاطبته أولا برضى الأمة!
قال: قد عرفت ما قلت وأنا على يقين من أمري (5).
الأصبغ بن نباتة قال: أتى رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام وقال: إني أحبك في السر كما أحبك في العلانية قال: فنكت أمير المؤمنين بعود كان في يده في الأرض ساعة ثم رفع رأسه فقال: كذبت والله، ثم أتاه رجل آخر فقال: إني أحبك فنكت بعود في الأرض طويلا ثم رفع رأسه فقال: صدقت، إن طينتنا طينة مرحومة أخذ الله ميثاقها يوم أخذ الميثاق، فلا يشذ منها شاذ ولا يدخل فيها داخل إلى يوم القيامة (6).