الحال، وسبى نسوانهم ورجع بهن إلى المدينة، وكان ذلك الرئيس صديقا لعمر في الجاهلية، فقال عمر لأبي بكر: اقتل خالدا به بعد أن تجلده الحد لما فعل بامرأته، فقال له أبو بكر: إن خالدا ناصرنا تغافل، وأدخل السبايا في المسجد وفيهن خولة، فجاءت إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وآله والتجأت به وبكت وقالت: يا رسول الله أشكو إليك أفعال هؤلاء القوم، سبونا من غير ذنب ونحن مسلمون، ثم قالت: أيها الناس لم سبيتمونا ونحن نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله؟ فقال أبو بكر: منعتم الزكاة، فقالت: الامر ليس على ما زعمت إنما كان كذا وكذا، وهب الرجال منعوكم فما بال النسوان المسلمات يسبين؟
واختار كل رجل منهم واحدة من السبايا، وجاء طلحة وخالد بن عنان ورميا بثوبين إلى خولة فأراد كل واحد منهم أن يأخذها من السبي، قالت لا يكون هذا أبدا، ولا يملكني إلا من خبرني بالكلام الذي قلته ساعة ولدت، قال أبو بكر:
قد فزعت (1) من القوم وكانت لم تر مثل ذلك قبله، فتلكم بما لا تحصيل له، فقالت:
والله إني صادقة: إذ جاء علي بن أبي طالب عليه السلام فوقف ونظر إليهم وإليها وقال عليه السلام: اصبروا حتى أسألها عن حالها، ثم ناداها يا خولة اسمعي الكلام، ثم قال: لما كانت أمك حاملا بك وضربها الطلق واشتد بها الامر نادت: اللهم سلمني من هذا المولود، فسبقت تلك الدعوة بالنجاة، فلما وضعتك ناديت من تحتها " لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وآله عما قليل سيملكني سيد سيكون له مني ولد " فكتبت أمك ذلك الكلام في لوح نحاس، فدفنته في الموضع الذي سقطت فيه، فلما كانت في الليلة التي قبضت أمك فيها وصت إليك بذلك، فلما كان في وقت سبيكم لم يكن لك همة إلا أخذ ذلك اللوح، فأخذتيه وشددتيه على عضدك الأيمن، هاتي اللوح فأنا صاحب اللوح، وأنا أمير المؤمنين، وأنا أبو ذلك الغلام الميمون، واسمه محمد، قال: فرأيناها وقد استقلبت القبلة وقالت:
اللهم أنت المتفضل المنان، أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي ولم تعطها لاحد