وروى عمران بن غفلة (1) قال: دخلت على علي عليه السلام بالكوفة، فإذا بين يديه قعب لبن أجد ريحه من شدة حموضته، وفي يده رغيف يرى قشار الشعير على وجهه، وهو يكسره ويستعين أحيانا بركبتيه، وإذا جاريته فضة قائمة على رأسه فقلت: يا فضة أما تتقون الله في هذا الشيخ؟ ألا نخلتم دقيقه؟ فقالت: إنا نكره أن تؤجر ونأثم نحن: قد أخذ علينا أن لا ننخل له دقيقا فأصلحناه (2) قال: وعلي عليه السلام لا يسمع ما تقول، فالتفت إليها فقال: ما تقول (3)؟ قالت: سله: فقال لي: ما قلت لها؟ [قال] فقلت: إني قلت لها: لو نخلتم دقيقه، فبكى ثم قال: بأبي وأمي من لم يشبع ثلاثا متوالية من خبز بر حتى فارق الدنيا، ولم ينخل دقيقه - قال:
يعني رسول الله صلى الله عليه وآله.
وروى يوسف بن يعقوب عن صالح بياع الأكسية أن جدته لقيت عليا عليه السلام بالكوفة ومعه تمر يحمله، فسلمت عليه وقالت له: أعطني يا أمير المؤمنين (4) أحمل عنك إلى بيتك، فقال: أبو العيال أحق بحمله، قالت: ثم قال لي: ألا تأكلين منه؟
فقلت: لا أريده، قالت: فانطلق به إلى منزله ثم رجع مرتدئا بتلك الشملة وفيها قشور التمر، فصلى بالناس فيها الجمعة.
وروى محمد بن فضيل بن غزوان قال: قيل لعلي عليه السلام: كم تتصدق؟ كم تخرج مالك؟ ألا تمسك؟ قال: إني والله لو أعلم أن الله تعالى قبل مني وفرضا واحدا لأمسكت، ولكني والله لا أدري أقبل سبحانه مني شيئا أم لا.
وروى عنبسة العابد عن عبد الله بن الحسن بن الحسين (5) قال: أعتق علي.