شفيقا أمينا حفيظا، غير معنف بشئ (1) منها، ثم احدر كل ما اجتمع عندك من كل ناد إلينا نصيره حيث أمر الله عز وجل، فإذا انحدر فيها (2) رسولك فأوعز إليه أن لا يحول بين ناقة وبين فصيلها، ولا يفرق بينهما، ولا يمصرن لبنها فيضر ذلك بفصيلها، ولا يجهد بها ركوبا، وليعدل بينهن في ذلك، وليوردهن كل ماء يمر به، ولا يعدل بهن عن نبت الأرض إلى جواد الطريق في الساعة التي فيها تريح وتغبق، وليرفق بهن جهده حتى يأتينا بإذن الله سحاحا سمانا غير متعبات ولا مجهدات، فنقسمهن (3) بإذن الله على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله على أولياء الله فإن ذلك أعظم لاجرك وأقرب لرشدك، ينظر الله إليها وإليك وإلى جهدك ونصيحتك لمن بعثك وبعثت في حاجته، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: ما ينظر الله إلى ولي له يجهد نفسه بالطاعة والنصيحة له ولإمامه إلا كان معنا في الرفيق الأعلى.
قال: ثم بكى أبو عبد الله عليه السلام ثم قال: يا بريد لا والله ما بقيت لله حرمة إلا انتهك (4)، ولا عمل بكتاب الله ولا سنة نبيه في هذا العالم، ولا أقيم في هذا الخلق حد منذ قبض الله أمير المؤمنين عليه السلام، ولا عمل بشئ من الحق إلى يوم الناس هذا، ثم قال: أما والله لا تذهب الأيام والليالي حتى يحيي الله الموتى ويميت الاحياء ويرد الله الحق إلى أهله ويقيم دينه الذي ارتضاه لنفسه ونبيه صلى الله عليه وآله، فأبشروا ثم أبشروا ثم أبشروا فوالله ما الحق إلا في أيديكم (5).
بيان: أوعز إليه: تقدم، وقال في النهاية: في حديث علي عليه السلام " ولا يمصرن لبنها فيضر ذلك بولدها " المصر: الحلب بثلاث أصابع، يريد: لا يكثر من أخذ لبنها (6).