هرب من مكة وأنت وكيله، فإن طلب بينة الشهود فنحن معشر قريش نشهد عليه وأعطوه على ذلك مائة مثقال من الذهب، منها قلادة عشرة مثاقيل لهند، فجاء وادعى على علي عليه السلام فاعتبر الودائع كلها ورأي عليها أسامي أصحابها، ولم يكن لما ذكره عمير خبر، فنصح له نصحا كثيرا، فقال: إن لي من يشهد بذلك وهو أبو جهل وعكرمة وعقبة بن أبي معيط وأبو سفيان وحنظلة، فقال عليه السلام: مكيدة تعود إلى من دبرها (1)، ثم أمر الشهود أن يقعدوا في الكعبة، ثم قال لعمير: يا أخا ثقيف أخبرني الآن حين دفعت وديعتك هذه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله أي الأوقات كان؟ قال: ضحوة نهار فأخذها بيده ودفعها إلى عبده، ثم استدعى بأبي جهل وسأله عن ذلك قال: ما يلزمني ذلك، ثم استدعى بأبي سفيان وسأله فقال: دفعه عند غروب الشمس وأخذها من يده وتركها في كمه، ثم استدعى حنظلة وسأله عن ذلك فقال: كان عند وقت وقوف الشمس في كبد السماء وتركها بين يديه إلى وقت انصرافه، ثم استدعى بعقبة وسأله عن ذلك فقال: تسلمها بيده وأنفذها في الحال إلى داره وكان وقت العصر ثم استدعى بعكرمة وسأله عن ذلك فقال: كان بزوغ الشمس أخذها فأنفذها من ساعته إلى بيت فاطمة - عليها السلام -.
ثم أقبل على عمير وقال له: أراك قد اصفر لونك وتغيرت أحوالك، قال:
أقول الحق ولا يفلح غادر، وبيت الله ما كان لي عند محمد صلى الله عليه وآله وديعة، وإنهما حملاني على ذلك، وهذه دنانيرهم وعقد هند عليها اسمها مكتوب، ثم قال علي عليه السلام:
ائتوني بالسيف الذي في زاوية الدار، فأخذه وقال: أتعرفون هذا السيف؟ فقالوا:
هذا لحنظلة، فقال أبو سفيان: هذا مسروق، فقال عليه السلام: إن كنت صادقا في قولك فما فعل عبدك مهلع الأسود؟ قال: مضى إلى الطائف في حاجة لنا، فقال:
هيهات أن تعود تراه ابعث إليه أحضره إن كنت صادقا، فسكت أبو سفيان، ثم قام في عشرة عبيد لسادات قريش فنبشوا بقعة عرفها فإذا فيها العبد مهلع قتيل، فأمرهم بإخراجه فأخرجوه وحملوه إلى الكعبة، فسأله الناس عن سبب قتله،