فوقفت به إلا رأيتهما يستغيثان إلي، وإني لأنظر إلى قتلة أبي فأقول لهما: هؤلاء إنما فعلوا ما أسستما: لم ترحمونا إذ وليتم، وقتلتمونا وحرمتمونا، وثبتم على قتلنا [حقنا] واستبددتم بالامر دوننا، فلا رحم الله من ير حكما، ذوقا وبال ما قدمتما، وما الله بظلام للعبيد، وأشدهما تضرعا واستكانة الثاني، فربما وقفت عليهما ليتسلى عني بعض ما في قلبي، وربما طويت الجبل الذي هما فيه - وهو جبل الكمد -. قال: قلت له: جعلت فداك! فإذا طويت الجبل فما تسمع؟، قال: أسمع أصواتهما يناديان: عرج علينا نكلمك فإنا نتوب، وأسمع من الجبل صارخا يصرخ بي: أجبهما وقل لهما: اخسؤوا فيها ولا تكلمون، قال: قلت له: جعلت فداك! ومن معهم؟، قال: كل فرعون عتا على الله وحكى الله عنه فعاله، وكل من علم العباد الكفر، قلت: من هم؟، قال: نحو بولس الذي علم اليهود أن يد الله مغلولة، ونحو نسطور الذي علم النصارى أن عيسى المسيح ابن الله، وقال لهم: هم ثلاثة، ونحو فرعون موسى الذي قال: أنا ربكم الاعلى، ونحو نمرود الذي قال: قهرت أهل الأرض وقتلت من في السماء، وقاتل أمير المؤمنين، وقاتل فاطمة ومحسن، وقاتل الحسن والحسين، فأما معاوية وعمر فما يطمعان في الخلاص ومعهم كل من نصب لنا العداوة وأعان علينا بلسانه ويده وماله،...
[بحار الأنوار: 25 / 372 حديث 24، عن كامل الزيارات: 326 - 327 باب 108 - حديث 2].
129 - عيون المعجزات: عن محمد بن الفضل، عن داود الرقي، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: حدثني عن أعداء أمير المؤمنين وأهل بيت النبوة، فقال: الحديث أحب إليك أم المعاينة؟، قلت: المعاينة، فقال لأبي إبراهيم موسى عليه السلام: ائتني بالقضيب، فمضى وأحضره إياه، فقال له: يا موسى! اضرب به الأرض وأرهم أعداء أمير المؤمنين عليه السلام وأعداءنا، فضرب به الأرض ضربة فانشقت الأرض عن بحر أسود، ثم ضرب البحر بالقضيب، فانفلق عن صخرة سوداء، فضرب الصخرة فانفتح منها باب، فإذا بالقوم جميعا لا يحصون لكثرتهم وجوههم مسودة وأعينهم زرق، كل واحد منهم مصفد مشدود في جانب من الصخرة، وهم ينادون يا محمد! والزبانية تضرب وجوههم ويقولون لهم: كذبتم ليس محمد لكم ولا أنتم له.
فقلت له: جعلت فداك! من هؤلاء؟، فقال: الجبت والطاغوت والرجس واللعين ابن اللعين، ولم يزل يعددهم كلهم من أولهم إلى آخرهم حتى أتى على أصحاب السقيفة، وأصحاب الفتنة، وبني الأزرق، والأوزاع، وبني أمية جدد الله عليهم العذاب بكرة وأصيلا.
ثم قال عليه السلام للصخرة: انطبقي عليهم إلى الوقت المعلوم.
[بحار الأنوار: 48 / 84 - حديث 104 عن المصدر: 100].