قاصد لقتل عثمان خارج عليه وبين راض بقتله، وتركوه بعد قتله منبوذا بالعراء غير مدفون حتى دفن في المزبلة بعد ثلاثة أيام (1)، وكيف يظن ذلك بأمثال هؤلاء مع علمهم بكونه من أهل الجنة؟ وكيف لم يحتج أنصاره من بني أمية عليهم بهذا؟
وهل يظن بأمير المؤمنين عليه السلام أن يتركه كذلك ثلاثة أيام مع علمه بذلك؟
وأيضا لو صح ذلك لزم كفر طلحة بكونه من المستحلين بقتله، ولا ريب في أن استحلال قتل من شهد له رسول الله صلى الله عليه وآله بالجنة لصغائر مكفرة ليس بأدون من استحلال شرب جرعة من الخمر، وكذلك يلزم كفر كل من المتخاصمين يوم الجمل لكون كل منهما مستحلين لقتل الآخر مع الشهادة لهما بالجنة، والأول باطل عند المخالفين، والثاني عند الجميع، فإن من الخصمين أمير المؤمنين عليه السلام وقد استحل قتل طلحة والزبير، والقول بعدم علمهم بهذه الشهادة ظاهر الفساد.
ويؤكد بطلانه - أيضا - ما روي من أن عمر بن الخطاب سأل حذيفة عن عد رسول الله (ص) إياه في جملة المنافقين (2)، إذ لو كان ممن قطع له بالجنة لم يختلجه الشك في النفاق.
ثم لو قطعنا النظر عن تفرد المخالفين بتلك الروايات ودلالة الشواهد والأدلة المعارضة لها على وضعها وبطلانها، نقول: يرد على ما استند إليه من الرواية أنها إما أن تحمل على ظاهرها الذي فهمه ابن أبي الحديد (3) من الرخصة العامة والمغفرة الشاملة لما تقدم من ذنبهم وما تأخر، أو يتطرق التجوز إليها وتخصيص عمومها، وعلى الأول يلزم سقوط التكليف عن البدريين والرخصة لهم في ارتكاب المحرمات كبائرها وصغائرها، ولو كان الفعل مما يؤدي إلى الكفر