كالاستخفاف بالقرآن ونحو ذلك، وهذا لو لم يكن الاعتقاد مندرجا في العمل المشتمل عليه الرواية وإلا فالامر أوضح، والبدريون - على المشهور - كانوا ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا (1) مع (2) القوم الذين ضرب لهم رسول الله صلى الله عليه وآله بسهامهم وهم غائبون، وعدتهم ثمانية.
وسقوط التكليف عن هؤلاء القوم مخالف للاجماع ولضرورة الدين، ولم يدع أحد العصمة في أهل البدر إلا في علي عليه السلام، ولا ريب في أن الباقين كانوا يكتسبون الآثام ويقارفون الذنوب، وفي إعلامهم بالمغفرة لهم في الذنوب التي يرتكبونها بعد ذلك إغراء ظاهر لهم بالقبيح، وهو قبيح.
وعلى الثاني، فإما (3) أن يخصص الرخصة بالصغائر ويعمم المغفرة بالذنوب (4) السالفة والمستأنفة، وحينئذ يتوجه مع مخالفة الضرورة والاجماع أنه لا يستلزم المدعى، إذ الرخصة في الصغائر وغفر انها مما لا يوجب كون ما صدر منهم من الصغائر المكفرة، ومع ذلك تعميم المغفرة - المبتني عليه الوجهان - مخالف للظاهر، وهو ظاهر. وإما أن يخصص المغفرة بالذنوب السالفة ويكون المراد بلفظة: اعملوا ما شئتم، المبالغة في حسن ما عملوا في بدر وإظهار الرضا الكامل لعملهم الصالح من غير رخصة لهم في الأيام الآتية، وحينئذ فلا تعلق للرواية بالمدعى، هذا على تقدير تسليم المساواة التي ادعاها ابن أبي الحديد (5) في عثمان للبدريين. ومستند من رواه من أهل السير ليس إلا قول ابن عمر كما عرفت.
وأما ما تمسك به ثانيا من أنه في حكم من بايع بيعة الرضوان، وأن رسول