بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣١ - الصفحة ٢٤٧
تفسيره.
ومنها: ما أورده أحمد بن حنبل في مسنده ١ / ١٠٠، ١٠٤، والشافعي في كتاب الام ٧ / ١٥٧، وأبو داود في سننه ١ / ٢٩١، والبيهقي في السنن الكبرى ٥ / ١٩٤، والطبري في تفسيره ٧ / ٤٥، ٤٦، وابن حزم في المحلى ٨ / ٢٥٤، والهندي في كنز العمال ٢ / ٥٣ وغيرهم، وجاء بألفاظ متنوعة وأسانيد متعددة نذكر واحدا منها: قال: أقبل عثمان إلى مكة فاستقبلت بقديد فاصطاد أهل الماء حجلا فطبخناه بماء وملح، فقد مناه إلى عثمان وأصحابه فامسكوا، فقال عثمان: صيد لم نصده ولم نأمر بصيده اصطاده قوم حل، فأطعموناه فما باس به، فبعث إلى علي، فجاء، فذكر له، فغضب علي وقال: أنشد رجلا شهدرسول الله (ص) حين أتي بقائمة حمار وحشي، فقال رسول الله (ص):
إنا قوم حرم، فاطعموه أهل الحل، فشهد اثنا عشر رجلا من أصحاب رسول الله (ص)، ثم قال علي: أنشد الله رجلا شهدرسول الله (ص) حين أتي ببيض نعام، فقال رسول الله (ص): إنا قوم حرم أطعموه أهل الحل، فشهد دونهم من العدة من الاثني عشر.
وعن بسر بن سعيد: أن عثمان بن عفان كان يصاد له الوحش على المنازل ثم يذبح فيأكله وهو محرم سنتين من خلافته.
وهذا جهل بصريح كتاب الله والمسلم من سنة رسول الله (ص)، صرحت به صحاحهم وأفتى به جمهورهم، انظر: صحيح مسلم ١ / ٤٤٩، مسند أحمد ١ / ٢٩٠، ٣٣٨، ٣٤١، ٤ / ٣٧، سنن الدارمي ٢ / ٣٩، سنن ابن ماجة ٢ / ٢٦٢، سنن النسائي ٥ / ١٨٤، ١٨٥، سنن البيهقي ٥ / ١٩٢، ١٩٣، أحكام القران للجصاص ٢ / ٥٨٦، تفسير الطبري ٧ / ٤٨، تيسير الوصول ١ / ٢٧٢، المحلى لابن حزم ٧ / ٢٤٩، وتفسير القرطبي ٦ / ٣٢٢، ورواه الطحاوي في شرح معاني الآثار - كتاب الحج -: ٣٨٦ مختصرا، والمتقي الهندي في كنز العمال ٣ / ٥٣ وقال: أخرجه ابن جرير وصححه، وأخرجه الطحاوي وأبو يعلى، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ٣ / ٢٢٩.
ومنها: ما أخرجه البخاري في صحيحه ٢ / ١٧٥ [دار الشعب]، عن مروان بن الحكم، قال:
شهدت: عثمان وعليا، وعثمان ينهى عن المتعة وأن يجمع بينهما، فلما رأى علي أحل بهما لبيك بعمرة وحجة. قال: ما كنت لأدع سنة النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم بقول أحد.
وزاد في بعض الروايات: قال: فقال عثمان: أتراني أنهى الناس عن شئ وتفعله أنت؟!. قال:
لم أكن لأدع سنة رسول الله (ص) لقول أحد من الناس.
وها هو مروان يحدثنا - كما في شرح معاني الآثار، كتاب مناسك الحج: ٣٨٠ - قال: كنا مع عثمان بن عفان، فسمعنا رجلا يهتف بالحج والعمرة، فقال عثمان: من هذا؟. قالوا: علي، فسكت.
وجاء بلفظ آخر في مسند أحمد بن حنبل، وأخرج البخاري في صحيحه، كتاب الحج، باب التمتع ٢ / ١٧٦ [دار الشعب]، ومسلم في صحيحه باب جواز التمتع، باسنادهما عن سعيد بن المسيب، قال: اجتمع على وعثمان بعسفان، وكان عثمان ينهى عن المتعة، فقال له علي: ما تريد إلى أمر فعله رسول الله (ص) تنهى عنه؟. قال: دعنا منك!!. قال: إني لا أستطيع أن أدعك، فلما رأى علي أهل بهما جميعا. وقريب منه ما رواه ابن حنبل في مسنده ١ / ١٣٦، والبيهقي في سننه ٥ / ٢٢.
وهناك جملة روايات بمضامين أخرى، انظر: صحيح البخاري ٣ / ٦٩، ٧١، صحيح مسلم ١ / ٣٤٩، مسند أحمد ١ / ٦١، ٩٥، ١٣٥، سنن النسائي ٢ / ١٤، ١٥ [٥ / ١٤٨، ١٥٢]، سنن البيهقي ٤ / ٣٥٢، ٥ / ٢٢، مستدرك الحاكم ١ / ٤٧٢، تيسير الوصول ١ / ٢٨٢، مسند الطيالسي ١ / ١٦، سنن الدارمي ٢ / ٦٩، شرح معاني الآثار للطحاوي - كتاب مناسك الحج -: ٣٧٦ و ٣٧١ بطريقين، المتقي في كنز العمال ٣ / ٣١، وقال: أخرجه العدني والطحاوي والعقيلي، وقاله الدارقطني في سننه، كتاب الحج، باب المواقيت بطريقين، وغيرهم في غيرها.
ومنها: جهله باللغة، إذ أخرج الطبري في تفسيره ٤ / ١٨٨، عن ابن عباس، أنه دخل على عثمان، فقال: لم صار الاخوان يردان الام إلى السدس، وإنما قال الله: (فإن كان له إخوة..) والاخوان في لسان قومك، وكلام قومك ليسا باخوة؟. فقال عثمان: هل يستطيع نقض أمر كان قبلي وتوارثه الناس ومضى في الأمصار. وفي لفظ الحاكم والبيهقي: لا أستطيع أن أرد ما كان قبلي ومضى في الأمصار وتوارث به الناس، كما جاء في المستدرك ٤ / ٣٣٥، والسنن الكبرى ٦ / ٢٢٧، والمحلى لابن حزم ٩ / ٢٥٨، وتفسير الرازي ٣ / ١٦٣، وتفسير ابن كثير ١ / ٤٥٩، والدر المنثور ٢ / ١٢٦، وروح المعني للآلوسي ٤ / ٢٢٥. وهذا عدم تضلع بالعربية، وكفانا الجصاص في أحكام القران ٢ / ٩٨ حيث فصل وأفاد، وأخزى خليفته وأجاد، وأجره عليه يوم التناد، وكذا شيخنا الأميني طاب ثراه في غديره ٨ / ٢٢٣ - ٢٢٧.
وحيث لا نحب الإطالة - والحر تكفيه الإشارة - لذا نحيل جملة من مطاعنه في جهله وجوره إلى موسوعة شيخنا ومولانا العلامة الأميني رحمه الله وغيره من أعلامنا في موسوعاتهم، كالشهيد الثالث في إحقاق الحق والسيد صاحب العبقات في كتابه وغيرهم أعلى الله مقامهم، ونشير منها درجا إلى:
١ - رأي الخليفة في الاحرام قبل الميقات. الغدير ٨ / ٢٠٨ - ٢١٣. ٢ - رأي الخليفة في رد الأخوين للام عن الثلث. الغدير ٨ / ٢٢٣ - ٢٢٧.
٣ - رأي الخليفة في المعترفة بالزنا. ٨ / ٢٢٧ - ٢٣٠. ٤ - رأي الخليفة في امرأة فقدت زوجها ٨ / ٢٠٠ - ٢٠٦... وغيرها كثير جدا.
ولنختم حديثنا عن بعض أولياته وما تفرد به، إذ ليس ما مر أول قارورة له - على حد تعبير المثل - فله أوليات وبدع وشطحات غيرها.
منها: إنه أول من ترك الكبير في كل خفض ورفع في الصلاة، مع أنها سنة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عرفتها الصحابة، وتسالمت عليها الأمة كافة، واستقر عليها إجماع أئمة المسلمين. يقول عمران بن حصين - وهو ممن تعرف -: صليت خلف علي صلاة ذكرني صلاة صليتها مع رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم والخليفتين، قال: فانطلقت فصليت معه، فإذا هو يكبر كلما سجد وكلما رفع رأسه من الركوع، فقلت: يا أبا نجيد! من أول من تركه؟. قال:
عثمان، حين كبر وضعف صوته تركه، كما أورده البخاري في صحيحه ٢ / ٥٧، ٧٠، ومسلم في كتابه ٢ / ٨، وأبو داود في سننه ١ / ١٣٣، واحمد في مسنده ٤ / ٤٢٨، ٤٢٩، ٤٣٢، ٤٤٠، ٤٤٤، والنسائي في سننه ٢ / ٢٠٤، والبحر الزاخر ١ / ٢٥٤ وغيرهم.
وقد تبع معاوية عثمان وأصبحت سنة بني أمية، ثم سنة المسلمين - ويا للأسف - حتى نسيت ومحقت هذه السنة، كما قاله الزرقاني في شرح الموطأ ٢ / ١٤٥. قال ابن حجر في فتح الباري ٢ / ٢١٥: إن زياد تركه - أي التكبير - بترك معاوية، وكان معاوية تركه بترك عثمان!. وقريب منه ما في نيل الأوطار ٢ / 266.
ومنها: إنه أول من ضرب الفسطاط بمعنى - ومضى في الطعون - وقد رواه الطبري في تاريخه وغيره مما سنذكره، كما وإنه أول من أتم صلاته بمنى وعرفه، كما سلف. ولعله لم يقل كلمة حق في حياته إلا ما أجاب به سيد الوصيين عليه السلام عند إنكاره عليه فقال مجيبا: رأي رأيته؟!.
نعم، هؤلاء سادات مدرسة الرأي والقياس الذين اتخذوا إلههم هواهم.
ومنها: إنه أول من ضرب بالسياط، قال ابن قتيبة في الإمامة والسياسة 1 / 29: ذكروا أنه اجتمع ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم كتبوا كتابا ذكروا فيه ما خالف فيه عثمان من سنة رسول الله وصاحبيه.. إلى أن قال: ما كان من مجاوزته الخيزران إلى السوط، وإنه أول من ضرب بالسياط ظهور الناس!، وإنما كان ضرب الخليفتين بالدرة والخيزران.
ونص على ذلك ابن عبد البر في العقد الفريد 2 / 272 مختصرا، وأورده بمصادره شيخنا الأميني في غديره 9 / 17، فلاحظ.