يا علي هاكها خالصة لا يحاقك أحد (1)، يا علي اقبل وصيتي، وأنجز مواعيدي وأد ديني، يا علي اخلفني في أهلي، وبلغ عني من بعدي، قال علي (عليه السلام):
لما نعى إلي نفسه رجف فؤادي، والقي علي لقوله البكاء، فلم أقدر أن أجيبه بشئ، ثم عاد لقوله، فقال: يا علي أو تقبل وصيتي؟ قال: فقلت وقد خنقتني العبرة ولم أكد أن أبين: نعم يا رسول الله، فقال (صلى الله عليه وآله): يا بلال ايتني بسوادي، اتيني بذي الفقار، ودرعي ذات الفضول، ايتني بمغفري ذي الجبين ورايتي العقاب، ايتني بالعنزة والممشوق، فأتى بلال بذلك كله إلا درعه كانت يومئذ مرتهنة، ثم قال: ايتني بالمرتجز والعضباء، ايتني باليعفور والدلدل فأتى بها، فوقفها بالباب، ثم قال: ايتني بالاتحمية والسحاب، فأتى بهما فلم يزل يدعو بشئ بشئ، فافتقد عصابة كان يشد بها بطنه في الحرب، فطلبها فأتى بها والبيت غاص يومئذ بمن فيه من المهاجرين والأنصار، ثم قال: يا علي قم فاقبض هذا ومد أصبعه، وقال: في حياة مني، وشهادة من في البيت، لكيلا ينازعك أحد من بعدي، فقمت وما أكاد أمشي على قدم حتى استودعت ذلك جميعا منزلي، فقال: يا علي أجلسني، فأجلسته وأسندته إلى صدري، قال علي (عليه السلام):
فلقد رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وإن رأسه ليثقل ضعفا، وهو يقول يسمع أقصى أهل البيت وأدناهم: إن أخي ووصيي ووزيري وخليفتي في أهلي علي بن أبي طالب يقضي ديني، وينجز موعدي، يا بني هاشم يا بني عبد المطلب لا تبغضوا عليا، ولا تخالفوا عن أمره فتضلوا، ولا تحسدوه وترغبوا عنه فتكفروا، أضجعني يا علي فأضجعته فقال: يا بلال ايتني بولدي الحسن والحسين، فانطلق فجاء بهما فأسندهما إلى صدره، فجعل يشمهما، قال علي (عليه السلام): فظننت أنهما قد غماه قال أبو الجارود: يعني أكرباه، فذهبت لآخذهما عنه فقال: دعهما يا علي يشماني وأشمهما، ويتزودا مني وأتزود منهما، فسيلقيان من بعدي زلزالا، وأمرا عضالا، فلعن الله من يخيفهما، اللهم إني أستودعكهما وصالح المؤمنين (2).