بيان: قوله: فلم يرد علينا، لعل المعنى كما يرد قبل ذلك على جهة البشاشة والبشر، وقال في النهاية: في أشراط الساعة إذا كان المغنم دولا، جمع دولة بالضم وهو ما يتداول من المال فيكون لقوم دون قوم، وقال: الدخل بالتحريك: العيب والغش والفساد. ومنه حديث أبي هريرة: إذا بلغ بنوا أبي العاص ثلاثين كان دين الله دخلا، وحقيقته أن يدخلون في الدين أمورا لم تجر بها السنة، وفيه أيضا:
كان عباد الله خولا أي خدما وعبيدا، يعني أنهم يستخدمونهم ويستعبدونهم، وقال:
مضى قدما، بضمتين، أي لم يعرج ولم ينثن.
37 - تفسير علي بن إبراهيم: كان أبو ذر تخلف عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في غزوة تبوك ثلاثة أيام وذلك أن جمله كان أعجف، فلحق بعد ثلاثة أيام (1) ووقف عليه جمله في بعض الطريق فتركه وحمل ثيابه على ظهره، فلما ارتفع النهار نظر المسلمون إلى شخص مقبل فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) كأن (2) أبا ذر، فقالوا: هو أبو ذر، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
أدركوه بالماء فإنه عطشان، فأدركوه بالماء، ووافى أبو ذر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومعه إداوة فيها ماء، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) يا با ذر معك ماء وعطشت؟ فقال: نعم يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، انتهيت إلى صخرة وعليها (3) ماء السماء، فذقته فإذا هو عذب بارد، فقلت: لا أشربه حتى يشربه حبيبي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا أبا ذر رحمك الله تعيش وحدك، وتموت وحدك، وتبعث وحدك وتدخل الجنة وحدك يسعد بك قوم من أهل العراق، يتولون غسلك وتجهيزك والصلاة عليك ودفنك، فلما سير به عثمان إلى الربذة فمات بها ابنه ذر وقف على قبره فقال: رحمك الله يا ذر لقد كنت كريم الخلق، بارا بالوالدين، وما علي في موتك من غضاضة، ومالي إلى غير الله من حاجة، وقد شغلني الاهتمام لك عن الاغتمام بك، ولولا هول المطلع لأحببت أن أكون مكانك، فليت شعري ما قالوا لك وما قلت لهم؟ ثم قال: اللهم إنك فرضت لك عليه حقوقا، وفرضت لي عليه