أربعا وثلاثين بدنة، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: الله أكبر، قد سقت أنا ستا وستين وأنت شريكي في حجي ومناسكي وهديي، فأقم على إحرامك، وعد إلى جيشك فعجل بهم إلي حتى نجتمع بمكة إن شاء الله، فودعه أمير المؤمنين عليه السلام وعاد إلى جيشه فلقيهم عن قرب فوجدهم قد لبسوا الحلل التي كانت معهم، فأنكر ذلك عليهم، وقال للذي كان استخلفه عليهم (1): ويلك ما دعاك إلى أن تعطيهم الحلل من قبل أن ندفعها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله (2) ولم أكن أذنت لك في ذلك؟ فقال:
سألوني أن يتجملوا بها ويحرموا فيها ثم يردوها علي، فانتزعها أمير المؤمنين عليه السلام من القوم وشدها في الاعدال فاضطغنوا ذلك (3) عليه، فلما دخلوا مكة كثرت شكاياهم (4) من أمير المؤمنين عليه السلام، فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله مناديا (5) فنادى في الناس:
" ارفعوا ألسنتكم عن علي بن أبي طالب فإنه خشن في ذات الله عز وجل، غير مداهن في دينه " فكف القوم عن ذكره وعلموا مكانه من النبي صلى الله عليه وآله وسخطه على من رام الغميزة فيه، وأقام أمير المؤمنين عليه السلام على إحرامه تأسيا برسول الله صلى الله عليه وآله وكان قد خرج مع النبي صلى الله عليه وآله كثير من المسلمين بغير سياق هدى، فأنزل الله تعالى: " وأتموا الحج والعمرة لله (6) " وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة " وشبك إحدى أصابع يديه على الأخرى (7) ثم قال عليه السلام:
" لو استقبلت من أمري ما استدبرته (8) ما سقت الهدي " ثم أمر مناديه أن ينادي (9):
" من لم يسق منكم هديا فليحل وليجعلها عمرة، ومن ساق منكم هديا فليقم على إحرامه " فأطاع في ذلك بعض الناس، وخالف بعض، وجرت خطوب بينهم فيه، وقال منهم قائلون: إن رسول الله صلى الله عليه وآله أشعث أغبر نلبس الثياب