بالمقام، ويسلموا عليه بإمرة المؤمنين، ففعل الناس ذلك كلهم، ثم أمر أزواجه و سائر نساء (1) المؤمنين معه أن يدخلن عليه ويسلمن عليه بإمرة المؤمنين ففعلن، و كان فيمن (2) أطنب في تهنيته بالمقام عمر بن الخطاب، وأظهر له من المسرة به و قال فيما قال: بخ بخ لك يا علي، أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة.
وجاء حسان بن ثابت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله أتأذن (3) لي أن أقول في هذا المقام ما يرضاه الله؟ فقال له: قل يا حسان على اسم الله، فوقف على نشز من الأرض وتطاول المسلمون (4) لسماع كلامه فأنشأ يقول.
يناديهم يوم الغدير نبيهم * بخم وأسمع بالرسول (5) مناديا وقال: فمن مولاكم ووليكم؟ * فقالوا ولم يبدوا هناك التعاديا إلهك مولانا وأنت ولينا * ولن تجدن منا لك اليوم عاصيا فقال له: قم يا علي فإنني * رضيتك من بعدي إماما وهاديا فمن كنت مولاه فهذا وليه * فكونوا له أتباع (6) صدق مواليا هناك دعا اللهم وال وليه * وكن للذي عادى عليا معاديا فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: " لا تزال يا حسان مؤيدا بروح القدس ما نصرتنا بلسانك " وإنما اشترط رسول الله صلى الله عليه وآله في الدعاء له، لعلمه عليه السلام بعاقبة أمره في الخلاف، ولو علم سلامته في مستقبل الأحوال لدعا له على الاطلاق، ومثل ذلك ما اشترط الله تعالى في مدح أزواج النبي صلى الله عليه وآله ولم يمدحهن بغير اشتراط لعلمه أن منهن من تتغير بعد الحال عن الصلاح الذي تستحق عليه المدح والاكرام فقال: " يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن (7) " ولم يجعلهن في ذلك حسب ما جعل أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله في محل الاكرام والمدحة، حيث بذلوا قوتهم لليتيم والمسكين (8) والأسير فأنزل الله سبحانه في علي وفاطمة والحسن و