الجزية، ولم ينبذ إليهم بنقض عهد، ولا حاربهم بعد وكانوا أهل ذمة إلى أن مضى لسبيله صلى الله عليه وآله، ووفى لهم بذلك من بعده " ثم لم ينقصوكم شيئا " من شروط العهد وقيل: لم يضروكم شيئا " ولم يظاهروا " أي لم يعاونوا " عليكم أحدا " من أعدائكم " فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم " أي إلى انقضاء مدة المعاهدة " إن الله يحب المتقين " لنقض العهود " فإذا انسلخ الأشهر الحرم " وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب وقيل: الأشهر الأربعة التي جعل الله للمشركين أن يسيحوا في الأرض على ما مر " فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم " هذا ناسخ لكل آية وردت في الصلح والاعراض عنهم " وخذوهم واحصروهم " أي احبسوهم واسترقوهم أو فأدوهم بمال، وقيل: وامنعوهم دخول مكة والتصرف في بلاد الاسلام " واقعدوا لهم كل مرصد " أي بكل طريق وبكل مكان تظنون أنهم يمرون فيه " فإن تابوا " من الشرك " وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة " أي قبلوا الاتيان بهما " فخلوا سبيلهم " إلى بلاد الاسلام، أو إلى البيت " وإن أحد من المشركين استجارك " أي طلب منك الأمان من القتل ليسمع دعوتك واحتجاجك عليه بالقرآن " فأجره حتى يسمع كلام الله " وإنما خص كلام الله لان معظم الأدلة فيه " ثم أبلغه مأمنه " معناه فإن دخل في الاسلام نال خير الدارين، وإن لم يدخل في الاسلام فلا تقتله فتكون قد غدرت به، ولكن أوصله إلى ديار قومه التي يأمن فيها على نفسه وماله " ذلك بأنهم قوم لا يعلمون " أي ذلك الأمان لهم بأنهم قوم لا يعلمون الايمان والدلائل فآمنهم حتى يسمعوا ويتدبروا " كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله " أي عهد صحيح مع إضمارهم الغدر والنكث على التعجب أو على الجحد، وقيل: كيف يأمر الله ورسوله بالكف عن دماء المشركين، ثم استثنى سبحانه فقال: " إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام " فإن لهم عهدا عند الله، لأنهم لم يضمروا الغدر بك والخيانة لك، واختلف في هؤلاء من هم؟ فقيل: هم قريش عن ابن عباس، وقيل: هم أهل مكة الذين عاهدهم رسول الله صلى الله عليه وآله يوم الحديبية فلم يستقيموا ونقضوا العهد بأن أعانوا بني بكر على خزاعة، فضرب لهم رسول الله صلى الله عليه وآله
(٢٦٩)