وعهد ابن عمك، ثم لما كانت السنة المقبلة وهي سنة عشر حج النبي صلى الله عليه وآله حجة الوداع وقفل (1) إلى المدينة، ومكث بقية ذي الحجة والمحرم وصفر وليالي من ربيع الأول حتى لحق بالله عز وجل. " وأذان من الله ورسوله إلى الناس " أي وإعلام، وفيه معنى الامر، أي آذنوا الناس، يعني أهل العهد. وقيل: أراد بالناس المؤمن والمشرك، لان الكل داخلون في هذا الاعلام " يوم الحج الأكبر " فيه ثلاثة أقوال: أحدها أنه يوم عرفة، روي عن أمير المؤمنين عليه السلام، قال عطا:
الحج الأكبر الذي فيه الوقوف والحج الأصغر الذي ليس فيه وقوف وهو العمرة وثانيها: أنه يوم النحر عن علي عليه السلام وابن عباس، وهو المروي عن أبي عبد الله عليه السلام، قال الحسن: وسمي الحج الأكبر لأنه حج فيه المسلمون والمشركون ولم يحج بعدها مشرك. وثالثها: أنه جميع أيام الحج، كما يقال: يوم الجمل ويوم صفين، يراد به الحين والزمان. " أن الله برئ من المشركين " أي من عهدهم " ورسوله " معناه ورسوله أيضا برئ منهم، وقيل: إن البراءة الأولى لنقض العهد والثانية لقطع الموالاة والاحسان فليس بتكرار " فإن تبتم " عن الشرك " فهو خير لكم " لأنكم تنجون به من خزي الدنيا وعذاب الآخرة " وإن توليتم " عن الايمان " فاعلموا أنكم غير معجزي الله " عن تعذيبكم في الدنيا " وبشر الذين كفروا بعذاب أليم " في الآخرة " إلا الذين عاهدتم من المشركين " قال الفراء:
استثنى الله تعالى من براءته وبراءة رسوله من المشركين قوما من بني كنانة وبني ضمرة، كان قد بقي من أجلهم تسعة أشهر، أمر بإتمامها لهم لأنهم لم يظاهروا على المؤمنين، ولم ينقضوا عهد رسول الله صلى الله عليه وآله، وقال ابن عباس: عنى به كل من كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وآله عهد قبل براءة، وينبغي أن يكون أراد بذلك من كان بينه وبينه عهد وهدنة، ولم يتعرض له بعداوة، ولا ظاهر عليه عدوا لان النبي صلى الله عليه وآله صالح أهل هجر وأهل البحرين وأيلة ودومة الجندل وله عهود بالصلح و